وزاد البيهقي في "السنن الكبرى"(٤/ ٣٢): قيل لعقبة: أيُدفن بالليل؟ قال: نعم، قد دُفن أبوبكر بالليل. قال الترمذي:(١٠٣٠): "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم يكرهون الصلاة على الجنازة في هذه الساعات، وقال ابن المبارك: معنى هذا الحديث: أن نَقبُر فيهن موتانا -يعني الصلاة على الجنازة، وكره الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وإذا انتصف النهار حتى تزول الشمس، وهو قول أحمد وإسحاق، وقال الشافعي: لا بأس في الصلاة على الجنازة في الساعات التي تكره فيهن الصلاة" انتهى.
وممن ذهب إلى كراهية الصلاة في الأوقات المكروهة ابن عمر وعطاء والنخعي والأوزاعي وسفيان الثوري وأصحاب الرأي وغيرهم.
قال الخطابي:"قول الجماعة أولى لموافقته الحديث".
وأما الصلاة على الجنازة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر فلا حرج في ذلك كما روي مالك في الجنائز (٢١) عن نافع، أن عبد الله بن عمر قال:"يُصلَّي على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صُلّيتا لوقتهما".
وروي أيضًا عن محمد بن أبي حَرملةَ مولي عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حُويطب، أن زينب بنت أبي سلمة تُوفِّيت، وطارق أمير المدينة، فأُتي بجنازتها بعد صلاة الصبح، فوُضِعت بالبقيع. قال: وكان طارق يُغلِّس بالصبح.
قال ابن أبي حَرملةَ: فسمعتُ عبد الله بن عمر يقول لأهلها: إما أن تُصلُّوا على جنازتكم الآن، وإما أن تتركوها حتى ترتفعَ الشمسُ، وبوَّب عليه مالك بقول: الصلاة على الجنازة بعد الصبح إلى الإسفار، وبعد العصر إلى الإصفرار.
[٣ - باب الدفن بالليل]
• عن ابن عباس قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل بعد ما دُفِن بليلة، قام هو وأصحابُه، وكان سأل عنه فقال:"من هذا؟ " فقالوا: فلان، دُفن البارحة، فصلوا عليه.
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (١٣٤٠) عن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الشيباني، عن الشعبي، عن ابن عباس فذكره.
وفيه دليل لمن يقول بجواز الدفن بالليل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر دفنهم إياه بالليل، بل أنكر عليهم عدم إعلامهم بأمره، وقد صح أن دُفن أبو بكر ليلًا، ودَفَن علي بن أبي طالب فاطمةَ ليلًا، ولم يُنقل إنكار أحد من الصحابة على الدفن بالليل بل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا دفن في الليل، وسيأتي تفصيل ذلك في السيرة.
• عن جابر بن عبد الله قال: رأى ناس نارًا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم