• عن عائشة قالت: إن امرأة من الأنصار سألت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من الحيض، فأمرها كيف تغتسلُ، قال:"خُذي فِرْصةً من مسك، فتطهري بها". قالت: كيف أتطهّر بها؟ قال:"تطهري بها". قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها". فاجتذبتُها إليّ، فقلت: تتبّعي بها أثر الدم.
متَّفقٌ عليه: رواه البخاريّ في الحيض (٣١٤، ٣١٥) ومسلم في الحيض (٣٣٢) كلاهما من طريق منصور بن صفية، عن أمه صفية، عن عائشة.
ونسب إلى أمه صفية لشهرتها، وهي صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية. وأم أبيه عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة العبدري. إِلَّا أن البخاريّ لم يذكر كيف تغتسل.
وإنما بيَّنه مسلم في رواية إبراهيم بن المهاجر قال: سمعت صفية تحدث عن عائشة أن أسماء (وهي بنت شكل) سألت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عن غُسل المحيض؟ فقال: "تأخذ إحداكنَّ ماءها وسدرتها فتطهَّر، فتُحسنُ الطهور، ثم تَصُبُّ على رأسها فتَدْلُكهـ دلكًا شديدًا حتَّى تبلغَ شؤونَ رأسِها، ثم تَصبُّ عليها الماء، ثم تأخذ فِرصة مُمسَّكةً فتطهر بها"، فقالت أسماء: كيف تطهر بها؟ فقال: "سبحان الله! تطهرين بها"، فقالت عائشة (كأنّها تخفي ذلك): تتَّبعين أثرَ الدم. وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: "تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطهور أو تُبْلِغ الطهور، ثم تَصُبُّ على رأسها فَتَدْلُكه، حتَّى تَبْلغ شؤونَ رأسها، ثم تفيض عليها الماء". فقالت عائشة: نعم النساءُ نساءُ الأنصار! لم يكن يمنعهن الحياءُ أن يتفقَّهن في الدين.
وفي رواية: دخلت أسماء بنت شكل على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! كيف تغتسل إحدانا إذا طهرت من الحيض؟ وساق الحديث. ولم يذكر فيه غسل الجنابة، وكلها في صحيح مسلم.
والفِرصة: القطعة من صوف أو قطن، أي: بعد انقطاع الدم إذا اغتسلت أخذت قطعة من مسك، أو خرقة فتطيبه بمسك، فتطيب بها مواضع الدم ليذهب ريحه.
وفي رواية عند أبي داود: "قَرْصة" بالقاف، يعني: شيئًا يسيرًا يؤخذ من المسك، مثل القَرْصة بأطراف الأصبعين.
وقوله: "شؤون رأسها" مواصل قبائل الرأس وملتقاها، والمراد: إيصال الماء إلى منابت الشعر، مبالغة في الغسل. ذكر ابن الأثير في جامع الأصول"(٧/ ٣٢٠ - ٣٢١).
وانظر بقية أحاديث غسل الحائض والمستحاضة في كتاب الحيض.
١٠ - باب الاسْتَتار في الغُسْلِ والبَول والبَرَازِ
• عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ الفتح،