ولكن وثّقه أبو حاتم، وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وقال ابن معين وأبو داود: لا بأس به، وقال البزّار: أحاديثه مستقيمة، فمثله يحن حديثه ولو انفرد، فكيف وقد توبع، فلا وجه لقول الذّهبيّ:"وليس الحديث بثابت"، وله شواهد كثيرة صحيحة.
٣ - باب شفاعة النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهل الموقف
• عن أبي هريرة قال: أُتِي رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومًا بلَحْمٍ، فَرُفِع إليه الذِّراعُ وكانت تعجبُه فَنَهَسَ منها نَهْسَةً فقال: "أنا سيد الناس يوم القيامة. وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع اللَّه يوم القيامة الأوّلين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الدّاعي ويَنْفُذُهم البَصَرُ، وتدنو الشّمسُ؛ فيلُغُ النّاسَ من الغَمِّ والكَرْبِ ما لا يُطيقون وما لا يَحتملون؛ فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربِّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض: ائْتُوا آدم، فيأتون آدم فيقولون: يا آدمُ أنت أبو البشر خلقك اللَّه بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكةَ فسجدوا لك اشْفَعْ لنا إلى ربِّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ ! فيقول آدم: إنِّ ربّي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنّه نهاني عن الشّجرة، فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوحُ أنت أوّل الرسل إلى الأرض، وسماك اللَّه عبدًا شكورًا، اشْفَعْ لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم: إنَّ ربّي قد غَضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم-. فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبي اللَّه وخليلُه من أهل الأرض اشْفَعْ لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم إبراهيم: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله -وذكر كذباته- نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى -صلى اللَّه عليه وسلم- فيقولون: يا موسى أنت رسول اللَّه، فضَّلك اللَّه برسالاته وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا؟ ! فيقول لهم موسى -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسا لم أُومَر بقتلها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى عيسى -صلى اللَّه عليه وسلم-. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول اللَّه، وكلّمت الناس في المهد، وكلمة منه ألقاها إلى مريم