للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من خصائص الأنبياء والمرسلين صلوات اللَّه عليهم أجمعين أنّهم معصومون فيما يخبرون به عن اللَّه تعالى، وفيما عداه فللنّاس فيه نزاع، والذي عليه جمهور أهل العلم أنّ الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى: "وهو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمديّ أنّ هذا قول أكثر الأشعريّة، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقه، بل لم ينقل عن السّلف والأئمة، والصّحابة والتابعين وتابعيهم إِلَّا ما يوافق هذا القول". "مجموع الفتاوى" (٤/ ٣١٩).

وقال رحمه اللَّه تعالى أيضًا: "أهل السنة متفقون على أنهم لا يقرّون على خطأ في الدين أصلًا، ولا فسوق، ولا كذب. ففي الجملة: كل ما يقدح في نبوتهم وتبيلغهم عن اللَّه فهم متفقون على تنزيههم عنه. وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصّغائر يقولون إنّهم معصومون من الإقرار عليها. فلا يصدر عنهم ما يضرّهم كما جاء في الأثر: "كان داود بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة". "منهاج السنة" (١/ ٤٧٢).

وخلاصة القول في عصمة الأنبياء:

١ - إنّ أهل السنة وجمهور المسلمين متفقون على أن الأنبياء عليهم السلام معصومون فيما يخبرون عن اللَّه تعالى، وفي تبليغ رسالته لأنّ العصمة هي التي يحصل بها مقصود الرسالة والنبوة.

٢ - اتفق أهل السنة أيضًا على وقوع الصّغائر منهم دون الكبائر في الأفعال، بدليل ما ورد في القرآن والأخبار الصحيحة، ولكنّهم لا يصرون عليها بل يبادرون إلى التوبة والاستغفار، فيكونون في هذه الحال معصومين من الإصرار عليها، ويكون الاقتداء بهم في التوبة منها، بحيث إننا أمرنا بالتأسي بهم، وباللَّه التوفيق.

١٢ - باب وجوب الإيمان بنبوّة عيسى عليه السّلام وأنّه عبد اللَّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم

قال اللَّه تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [سورة النساء: ١٧١].

قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} أي إنّما هو عبد من عباد اللَّه، وخلق من خلقه قال له: كن، فكان، ورسول من رسله.

• عن عبادة بن الصّامت، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من شهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّدًا عبده ورسوله، وأنّ عيسى عبد اللَّه ورسولُه، وكلمته ألقاها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>