ومعنى هذا الحديث كما قال البغويّ في شرح السنة (١/ ٧٧) "أكثر منافقي هذه الأمة قرّاؤها" هو أن يعتاد ترك الاخلاص في العمل كما جاء: "التاجر فاجر" وأراد إذا اعتاد التاجرُ الكذب في البيع والشّراء، لا أنّ نفس التجارة فجور، بل هي أمر مأذون فيه، مباح في الشّرع" انتهى.
وقول البغويّ: "التاجر فاجر" لعلّه يشير إلى حديث عبد الرحمن بن شبل يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ التجار هم الفجّار". قال: قيل: يا رسول اللَّه! أوليس قد أحل اللَّه البيع؟ قال: "بلى، ولكنّهم يحدّثون فيكذبون، ويحلفون ويأثمون".
رواه أحمد (١٥٥٣٠) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام، يعني الدّستوائي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد الحبراني، قال: قال عبد الرحمن بن شبل، فذكر الحديث. وإسناده صحيح.
٢ - باب ذمّ ذي الوجهين
• عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه".
وفي لفظ: "تجد من شر الناس يوم القيامة عند اللَّه ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه"
متفق عليه: رواه مالك في الكلام (٢١) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكره. ورواه مسلم في البر والصلة (٢٥٢٦: ٩٨) عقب (٢٦٠٤) من طريق مالك به.
ورواه البخاريّ في الأحكام (٧١٧٩)، ومسلم في البر والصلة (٢٥٢٦: ٩٩) عقب (٢٦٠٤) من طريق عراك بن مالك، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه البخاريّ في الأدب (٦٠٥٨) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره باللفظ الثاني.
• عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا"
حسن: رواه أحمد (٨٧٨١)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (٢٩١)، والبيهقي في السنن (١٠/ ٢٤٦) كلهم من طريق أبي سلمة الخزاعي، قال: أخبرنا سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن عبيد اللَّه بن سلمان الأغر، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عجلان فإنه حسن الحديث وقد توبع.
رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (٢٨٣) من طريق سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد ابن رباح، عن أبي هريرة، وزاد فيه في آخر الحديث: "عند اللَّه".
وكثير بن زيد الأسلمي المدني مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخطئ.