وقال:"خالد بن معدان من خيار التابعين، صحب معاذ بن جبل، فمن بعده من الصحابة، فإذا أسند حديث إلى الصحابة فإنه صحيح الإسناد".
والمرضعة: هي حليمة بنت أبي ذُؤيب السعدية، أخذته معها إلى أرضها، فأقام معها في بني سعد بن بكر نحو خمس سنين.
وقد ذكروا نسوة أخرى أرضعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الصحيح ما ذكرته.
[٩ - باب ما رأت حليمة من الخير]
قال ابن إسحاق: وحدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الجمحي، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أو عمن حدّثه عنه قال: كانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أرضعته تحدث: أنها خرجت من بلدها مع زوجها، وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر، تلتمس الرضعاء، قالت: وذلك في سنة شهباء. لم تُبق لنا شيئًا. قالت: فخرجت على أتان لي قمراء، معنا شارف لنا. والله! ما تَبِضّ بقطرة، وما ننام ليلنا أجمع من صبيّنا الذي معنا، من بكائه من الجوع، ما في ثدي ما يغنيه، وما في شارفنا ما يغذّيه قال ابن هشام: ويقال: يغذّيه، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أدَمتُ بالركب حتى شق ذلك عليهم ضَعفًا وعَجفًا، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عُرض عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتأباه، إذا قيل لها: إنه يتيم، وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي، فكنا نقول: يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده! فكنا نكرهه لذلك، فما بقيت امرأة قدمتْ معي إلا أخذت رضيعًا غيري، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي: والله! إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعًا، والله! لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنّه، قال: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة. قالت: فذهبتُ إليه فأخذته، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره. قالت: فلما أخذته، ورجعت به إلى رحلي، فلما وضعته في حِجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، وشرب معه أخوه حتى روي، ثم ناما، وما كنا ننام معه قبل ذلك، وقام زوجي إلى شارفنا تلك، فإذا إنها لَحافل، فحلب منها ما شرب، وشربتُ معه حتى انتهينا ريًّا وشبعًا، فبتنا بخير ليلة. قالت: يقول صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله! يا حليمة! لقد أخذت نسمة مباركة، قالت: فقلت: والله! إني لأرجو ذلك. قالمت: ثم خرجنا وركبت (أنا) أتاني، وحملته عليها معي، فوالله! لقطعتْ بالركب ما يقدر عليها شيء من حُمُرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي: يا ابنة أبي ذؤيب! ويحك! اربَعي علينا، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟ فأقول لهن: بلى والله! إنها لهي هي، فيقلن: والله! إن لها لشأنًا. قالمت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح علي حين قدمت به معنا