[٨ - باب حد الزاني البكر جلد مائة وتغريب عام]
قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢].
• عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله. وقال الآخر - وهو أفقههما -: أجل يا رسول الله، فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي أن أتكلم. قال: "تكلم" فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي. ثم إني سألت أهل العلم، فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. وإنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فردٌّ عليك" وجلد ابنه مائة، وغرّبه عامًا. وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، "فإن اعترفت فارجمها"، فاعترفت فرجمها.
متفق عليه: رواه مالك في الحدود (٦) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني فذكراه.
ورواه البخاري في الحدود (٦٨٤٢، ٦٨٤٣) من طريق مالك، به، مثله.
ورواه مسلم في الحدود (١٦٩٨، ١٦٩٧) من وجوه أخرى عن الزهري.
• عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر فيمن زنى، ولم يحصن جلد مائة وتغريب عام.
قال ابن شهاب: وأخبرني عروة بن الزبير: أن عمر بن الخطاب غرّب، ثم لم تزل تلك السنة.
صحيح: رواه البخاري في الحدود (٦٨٣١، ٦٨٣٢) عن مالك بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز (هو ابن سلمة الماجشون)، أخبرنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني، فذكره.
والمراد بكتاب الله الآية التي نُسِخت تلاوتها وبقي حكمها وهي: {والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم} وقيل غير ذلك.
وأما التغريب فثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه غرّب، وبه قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: أبو بكر، وعمر وأبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر وغيرهم. وكذلك روي عن غير واحد من فقهاء التابعين. وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق وغيرهم.
وقال أبو حنيفة: لا يُنفي أحد، لأن فيه تمكينا له على الزنا، إلا أن يرى الإمام مصلحة