ذكوان المعلم) بإسناده، بلفظ: "قاء فأفطر".
فمن فهم من قول ثوبان: "قاء فأفطر فصببت له وَضُوءَه" قال: قاء فأفطر فتوضّأ.
وأما قوله (قاء فأفطر) فيحتاج إلى تأويل بأنه استقاء؛ لأن القيء لا يُفطر الصائم.
قال الترمذي: وقال إسحاق بن منصور: معدان بن طلحة. ثم قال: وابن أبي طلحة أصحّ. وقال: جوّد حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب. وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه فقال: عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي. وقال: عن خالد بن معدان، وإنما هو معدان بن أبي طلحة. انتهى.
قلت: رواية معمر هذه رواها الإمام أحمد (٢٧٥٣٧) عن عبد الرزاق، ثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال: استقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأفطر، فأتي بماء فتوضأ.
يقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: "ولسنا نوافق الترمذي في ادعائه الخطأ على معمر، وإنما هو عندنا بإسناد آخر للحديث، وخالد بن معدان تابعي ثقة معروف، مات في أول القرن الثاني، روى عن كثير من الصحابة منهم معاوية، واختلف في سماعه من أبي الدرداء. ويعيش بن الوليد تابعي ثقة أيضًا وقد روي عن معاوية، ومعاوية مات سنة ٥٩ أو ٦٠ هـ ويعيش بن الوليد وخالد بن معدان كلاهما من أهل الشام؛ فلا يبعد أن يروي أحدهما عن الآخر. ومعمر حافظ ثقة متقن؛ فلا يحكم عليه بالخطأ جُزافًا" انتهى.
فإذا صحّ هذا الحديث فلا يحتاج إلى تأويل.
وأما نقض الوضوء من القيء والرُّعاف فقال الترمذي: قال به بعض أهل العلم منهم: سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق. وقال مالك والشافعي: ليس في القيء والرُّعاف وضوء. انتهى.
[٣٥ - باب ما روي أن خروج الدم من غير السبيلين لا يوجب الوضوء]
الأصل في هذا الباب البراءة، فإنه لم يثبت من النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل خروج الدم من غير السبيلين ناقضًا للوضوء.
وأما ما رُوِيَ عن تميم الداري مرفوعًا: "الوضوءُ من كُلِّ دمٍ سائلٍ" فهو مرسلٌ ضعيفٌ. فقد أخرجه الدارقطني (١/ ١٥٧) من طريق بقية، عن يزيد بن خالد، عن يزيد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز قال: قال تميم الداري.
قال الدارقطني: عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم، ولا رآه، ويزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان.