كذا قال بالنسخ، ولم يبين الناسخ، مع أن عمر بن الخطاب، وبعده أحمد وإسحاق بن راهويه ذهبوا إلى مضاعفة العقوبة لمن أخذ الضوال، ولم يعرف بها، كما جاء في حديث أبي هريرة في الباب الآتي.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسئل عن ضالة الغنم، فقال: "هي لك، أو لأخيك، أو للذئب". وسئل عن ضالة الإبل، فقال: "ما لك ولها؟ ومعها سقاؤها، أو سقاؤه وحذاؤه، دعه حتى يجد ربه".
حسن: رواه البزار -كشف الأستار (١٣٦٤) - عن محمد بن مسكين، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره.
قال البزار: "لا نعلمه عن القعقاع، عن أبي صالح إلا من حديث يحيى".
وقال الهيثمي في المجمع (٤/ ١٦٧): "رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح".
قلت: وهو كما قال إلا أن يحيى بن أيوب -وهو الغافقي- وإن كان من رجال الصحيح إلا أنه لا يرتقي إلى درجة ثقة، ولكنه حسن الحديث.
٤ - باب الترهيب من كتمِ اللقطةِ وتغييبها
• وعن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ضالة الإبل المكتومة غرامتها، ومثلها معها".
حسن: رواه أبو داود (١٧١٨) عن مخلد بن خالد، حدثنا عبد الرزاق -وهو في مصنفه (١٨٥٩٩) - أخبرنا معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، أحسبه عن أبي هريرة فذكره.
وأعله المنذري فقال: "لم يحزم عكرمة بسماعه من أبي هريرة فهو مرسل".
قلت: ولكن قوله: (أحسبه) يحمل على الظن الغالب أنه عن أبي هريرة، ومعنى الحديث يدل على ذلك أيضًا؛ لأن الصحابي لا يحق له أن يحكم على الغرامة مثلها.
ولكن آفته عمرو بن مسلم الجَندي -بفتح الجيم والنون-؛ فإنه مختلف فيه، فضعفه أحمد والنسائي، واختلف فيه قول ابن معين: فمرة قال: "لا بأس به". وأخرى: "ليس بالقوي".
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: "ليس له حديث منكر جدا". وقال الساجي: "صدوق يهم". فمثله يحسن حديثه.
قال الخطابي: "سبيل هذا الحديث سبيل ما تقدم ذكره من الوعيد الذي يراد به وقوع الفعل، وإنما هو زجر وردع، وكان عمر بن الخطاب يحكم به، وإليه ذهب أحمد بن حنبل. وأما عامة الفقهاء فعلى خلافه". انتهى.
قلت: وبه قال أيضًا الزهري وإسحاق بن راهويه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية بأن من كتم الإبل الضالة تضعف عليه غرامتها.