فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! لقد عرفت ما لي من مال، وإني لذو حاجة وذو عيال، فامنن علي، فمنّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ عليه ألّا يظاهر عليه أحدًا فقال أبو عزة في ذلك يمدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
من مبلغ عني الرسول محمدًا ... بأنك حق والمليك حميد
وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى ... عليك من الله العظيم شهيد
سيرة ابن هشام (١/ ٦٥٩ - ٦٦٠)
٤٢ - قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعة المطعم لو كان حيًا
• عن جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أسارى بدر: "لو كان المطعم بن عديّ حيًّا ثم كلّمني في هؤلاء النّتْنى لتركتهم له".
صحيح: رواه البخاري في المغازي (٤٠٢٤) عن إسحاق بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه فذكره.
وقوله: "النتنى" جمع نتن بالنون وهم أسارى بدر من المشركين.
والمطعم والد جبير ممن دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - في جواره عندما رجع من الطائف، فإن المطعم أمر أربعة من أولاده فلبسوا السلاح، وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة، فبلغ ذلك قريشًا، فقالوا له: أنت الرجل الذي لا تخفر ذمته، وكان مطعم من أشد من قام في نقض الصحيفة التي كتبها قريش علي بني هاشم، ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب.
ومات المطعم بن عدي قبل وقعة بدر، وله بضع وتسعون سنة.
وفي أحاديث الأبواب السابقة دليل على أن الإمام مخير في الأسارى البالغين، إن شاء منّ عليهم، وأطلقهم من غير فداء، وإن شاء فاداهم بمال معلوم، وإن شاء قتلهم، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وهو قول الأوزاعي وسفيان وغيرهم من أهل العلم.
٤٣ - باب ما رُوي في اختلاف الصحابة في غنائم بدر
رُوي عن عبادة بن الصامت قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشهدت معه بدرًا، فالتقى الناس، فهزم الله العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون، وأكبّت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل، وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها، فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخفنا أن