ولكنهما لم يذكرا بهذا التفصيل كما لم يذكرا قول البراء: أول من قدم علينا ...
كما أن البخاري لم يذكر قول سراقة: "فإنك ستمر بإبلي وغنمي بموضع كذا وكذا فخذ منها حاجتك" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا حاجة لي فيها". وذكره مسلم.
والبخاري ذكر في إحدى المواضع (٣٩١٨) قول البراء فدخلت مع أبي بكر على أهله، فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمّى. فرأيت أباها فقبّل خدها وقال: "كيف أنت يا بنية؟ " ولم يذكره مسلم.
قال الحافظ ابن حجر: كان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعا، وأيضا فكان حينئذ دون البلوغ وكذلك عائشة.
ويذكر في قصة سراقة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ ". فلما أتى عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه دعا سراقة بن مالك فألبسه إياهما. وكان سراقة رجلًا أزب، كثير شعر الساعدين، وقال له: ارفع يديك فقال: الله أكبر، الحمد لله الذي سلبها كسرى بن هرمز الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابي، رجل من بني مدلج، ورفع بها عمر صوته.
ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب فقال: وروى عن سفيان بن عيينة عن أبي موسى، عن الحسن فذكره، وكذلك قال الحافظ ابن حجر في الإصابة، وهو مرسل، ولم أقف من وصله.
وأبو موسى: هو إسرائيل بن موسى البصري ثقة من رجال التهذيب.
[١٧ - باب حلب أبي بكر الشاة في الطريق للنبي - صلى الله عليه وسلم -]
• عن البراء قال: قال أبو بكر الصديق: لما خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مررنا براعٍ وقد عطش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فحلبت له كثبةً من لبن، فأتيته بها، فشرب حتى رضيت.
متفق عليه: رواه البخاري في الأشربة (٥٦٠٧) ومسلم في الأشربة (٩٠: ٢٠٠٩) كلاهما من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء، فذكره. واللفظ لمسلم.
قوله: "كثبة" أي شيئًا قليلًا.
• عن أبي بكر قال: انطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه، فقلت: لمن أنت؟ قال: لرجل من قريش فسمّاه فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ فقال: نعم، فقلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه فقال هكذا، ضرب إحدى كفيه بالأخرى، فحلب كثبةً من لبن، وقد جعلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة على فمها خرقة،