وتابعه سفيان بن عيينة عن هشام على إرساله، فإن قصد الترمذي ترجيح رواية عبدة ووكيع وسفيان على عامر بن صالح فهو صحيح لأن عامر بن صالح الزبيري متروك كما في التقريب، وإن أراد ترجع الإرسال مطلقًا فهذا ليس بصحيح فإن زائدة بن قدامة ومالك بن سعير نقان وتابعهما أيضًا عامر بن صالح فيجب قبول زيادتهم، ومن المعلوم أن الراوي قد يرسله وقد يوصله، فكل روي بما سمع، ومن علم حجة على من لم يعلم، ولذا اعتمده ابن خزيمة فأخرجه من طريق مالك بن سعير (١٢٩٤) وابن حبان فأخرجه من طريق زائدة (١٦٣٤) في صحيحهما.
ورواه الإمام أحمد (٢٣١٤٦) من وجه آخر عن يعقوب (وهو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) عن أبيه، عن ابن إسحاق قال: حدثني عمر بن عبد الله بن عروة، عن جده عروة، عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصنع المساجدَ في دورنا، وأن تصلح صنعتَها ونطهرها.
وإسناده حسن لأجل ابن إسحاق وصرَّح بالتحديث، وعمر بن عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي قال فيه الحافظ:"مقبول" أي حيث يتابع وقد توبع في الإسناد السابق، ولعل المبهم من الصحابي هو عائشة رضي الله عنها كما في الإسناد الأول، وإن كان غيرها فيكون شاهدًا لها.
وفي الباب حديث سمرة بن جندب أنه كتب إلى ابنه:"أما بعد فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونُصلح صنعتها، ونطهرها".
رواه أبو داود (٤٥٦)، وأحمد (٢٠١٨٤) وفي الإسناد رجال ضعفاء ومجاهيل مع الانقطاع، وَوَهِمَ من عزاه إلى الترمذي.
وقوله:"في الدور" قال البغوي في شرح السنة (٢/ ٣٩٧): "يريد المحال التي فيها الدور، ومنه قوله تعالى:{سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}[سورة الأعراف: ١٤٥] يقولون: سمع به أهل الدار، يريدون: أهل المحلة، ومنه كما جاء: "خير دور الأنصار بنو النجار".
وقال سفيان: تُبنى المساجد في الدور، يعني القبائل. انتهى بالتصرف.
وحمل بعض أهل العلم على أن المراد بالمسجد المُصلَّى لأداء النوافل في البيوت لورود النهي عن جعل البيوت مثل المقابر، وأما الفرائض فتُؤَدَّى في مسجد الجماعة.
٢٣ - باب اتخاذ البيع مساجد َ
• عن طلق بن علي قال: خرجنا وفدًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه، وصلَّينا معه، وأخبرناه أنَّ بأرضِنا بيعةً لنا فاستوهبناه من فضْل طهوره، فدعا بماء فتوضأ، وتمضمض ثم صبَّه في إداوةٍ، وأمرنا فقال: اخرجوا فإذا أتيتُم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانَها بهذا الماء واتخذوها مسجدًا، قلت: إن البلد بعيد، والحر