للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعرفة أقوال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون مصدرًا هامًّا لعامة الناس الذين يغترُّون كثيرًا بوجود الحديث في الكتب والصحف، ولا يدرون أصحيح هو أم لا؟ كما يكون مرجعا للكُتَّاب والباحثين الذين ينقلون الحديث في كتاباتهم وبحوثهم من غير معرفتهم بالصحيح من الضعيف، إذْ هم ليسوا متخصصين في هذا العلم الذي يتطلب معارف كثيرة، كعلم الجرح والتعديل، وعلم التخريج، وعلم مختلف الحديث وغيرها من العلوم الحديثية، مع اطلاع واسع على كتب الحديث والرجال والعلل والشروح وغيرها.

وقد وُجدت طائفة من الناس تنشر عمدًا في المجتمع الإسلامي الأحاديث الضعيفة والموضوعة غير مبالين بالتحذير الوارد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة، منها قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ معقده من النار" رواه مسلم في مقدمة صحيحه (ح: ٣) (١).

[السبب الثاني]

أن يكون هذا الجامع سدًّا منيعًا -بإذن اللَّه- أمام دعاة التجديد الذين ظهروا في عصرنا داعين إلى وضع خطة جديدة حسب زعمهم لتدوين السنة، وهي تتلخص في اختيار بعض الأحاديث التي توافق هواهم، والتشكيك في الباقي بأنه غير ثابت أو أنه مخالف للعقل والمجتمع المدني، ليتخلصوا بذلك من عدد كبير من الأحاديث الصحيحة.

وقد تلقت بعض الصحف الأوربية هذا النبأ بترحيب واسع، لأنه يوافق توجّهاتهم في إيجاد إسلام أوربي على غرار النصرانية في أوربا.


(١) قوله: "من كذب عليّ" يدخل فيه المتعمد كما جاء في الحديث.
- وأما من حدّث بالأحاديث الضعيفة الشديدة الضعف مع العلم بذلك فلا يؤمن من الاثم إذا لم يبيّن ذلك.
- ومن حدّث بالأحاديث الضعيفة الخفيفة الضعف في غير الحلال والحرام، فللعلماء في قبولها وردّها مذاهب وشروط كما هو مبسوط في كتب مصطلح الحديث، فمن الأفضل بيان ضعفها ليكون السامع على علمٍ وبيّنةٍ.
- وأما ما وقع من الأحاديث الواهية والموضوعة في كتب أهل العلم المتقدمين فإنهم قد أسندوا تلك الأحاديث، وذكرُ الإسناد من جملة البيان كما قال أهل العلم، فهم بُراء من هذا الوعيد، ولكن كان ذلك عند وَفْرَةِ العارفين بهذا العلم، وأما الآن فلا يسوغُ ذلك لنُدْرة العارفين، وكَثْرَة المغترين، فيَجِبُ بيان ذلك؛ فإن السكوت على ذلك يُؤدّي إلى شيوع كثير من البدعات والخرافات في المجتمعات الإسلامية.
وقد قال الحافظ ابن القيم رحمه اللَّه: "لا يسوغ أن يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما لا يعلم صحّته ولا ثقة رواته". أحكام أهل الذمة (١/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>