بل تابعه أيضًا محمد بن عبد الله بن نمير، وهو ثقة فاضل، والبيهقي لم يقف على رواية محمد بن عبد الله بن نمير وإلا رد على ابن معين، وإنما أخرج هو عن شيخه الحاكم من طريق يحيى بن آدم كما مضي.
ثم أن الذي عليه جمهور أهل العلم من المحدثين، إذا اختُلِف في الرفع والوقف فالصحيح الحكم للرفع لأنه زيادة ثقة، ولا شك في توثيق يحيى بن آدم، كما قال النووي في "الخلاصة"(٣٤٠٧) فكيف قد توبع على رفعه.
وروى مالك (١/ ٢٢٦) بإسناد صحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت لأهلها: أجمروا ثيابي إذا مِتُّ، ثم حنِّطوني، ولا تَذُرُّوا على كفني حنوطًا، ولا تتبعوني بنار.
[٢٣ - باب ما جاء في تحنيط الميت]
• عن ابن عباس قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل مات بعرفة وهو محرم:"اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تُحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يُلَبِّي أو مُلَبِّيًا".
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٦٨)، ومسلم في الجنائز (١٢٠٦) كلاهما من حديث حماد ابن زيد، عن عمرو بن دينار وأيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره، واللفظ للبخاري.
وفي الحديث دليل على أن غير المحرم يُحنَّط كما يُخمر، وأن النهي وقع لأجل الإحرام.
• عن عُتَيٍّ قال: رأيتُ شيخًا بالمدينة يَتَكلَّمُ، فسأَلتُ عنه، فقالوا: هذا أُبَيُّ بن كعب، فقال: إن آدمَ عليه السلام لما حَضَره الموتُ قال لِبَنِيه: أيْ بَنِيَّ! إني أشتهي من ثمار الجنةِ، فذهبوا يُطلبون له، فاستقبلَتهم الملائكةُ ومعهم أَكفانُهُ وحَنُوطُه، ومعهم الفُؤوسُ والمساحي والمكاتِلُ، فقالوا لهم: يا بَني آدم، ما تُريدُون وما تَطلبون -أو ما تُريدون وأَين تَذهبون؟ - قالوا: أَبونا مريضٌ فاشتَهي من ثمار الجنةِ، قالوا لهم: ارجِعوا فقد قُضي قضاءُ أَبيكُم.
فجاؤوا، فلما رأَتهم حوَّاءُ عَرَفَتهم، فلاذَت بآدمَ، فقال: إليكِ عني فإني إنما أُوتيتُ مِن قِبَلِك، خَلِّي بيني وبين ملائكةِ ربِّي تبارك وتعالى، فَقَبَضوه، وغَسلُوه وكفَّنوه وحنَّطوه، وحَفَروا له وأَلْحَدوا له، وصَلَّوا عليه، ثم دَخَلوا قبرَه فوضَعوه في قبرِه ووَضَعوا عليه اللَّبِنَ، ثم خرجوا من القَبرِ، ثم حَثَوْا عليه التراب، ثم قالوا: يا بَني آدمَ! هذه سنَّتُكم.
حسن: رواه عبد الله بن أحمد (٢١٢٤٠) عن هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، عن حُميد،