[٨ - باب كراهية منع العلم وهو علم الكتاب والسنة]
قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [سورة البقرة: ١٥٩].
وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [سورة آل عمران: ١٨٧].
• عن أبي هريرة قال: إنّ النّاس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب اللَّه ما حدَّثْتُ حديثًا، ثم يتلو: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} إلى قوله: {الرَّحِيمُ} [سورة البقرة: ١٥٩ - ١٦٠]، إنّ إخواننا من المهاجرين كان يَشْغَلُهم الصَّفْق بالأسواق، وإنَّ إخواننا من الأنصار كان يَشْغَلُهم العمل في أموالهم، وإنَّ أبا هريرة كان يلزم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بِشِبَعِ بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون.
متفق عليه: رواه البخاريّ في العلم (١١٨)، ومسلم في فضائل الصّحابة (٢٤٩٢) كلاهما من طرق عن الزّهريّ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكر الحديث، واللّفظ للبخاريّ.
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سُئل عن علم ثم كتمه أُلجم يوم القيامة بِلِجام من نار".
صحيح: رواه أبو داود (٣٦٥٨)، والتّرمذيّ (٢٦٤٩)، وابن ماجه (٢٦١) كلّهم من طرق عن علي بن الحكم، عن عطاء (وهو ابن أبي رباح)، عن أبي هريرة، فذكره.
قال الترمذيّ: "حديث حسن".
قلت: لأنّ الترمذيّ رواه من طريق عمارة بن زاذان الصّيدلانيّ وهو مختلف فيه غير أنّه حسن الحديث، وقد تُوبع، فرواه أبو داود، وأحمد (٢/ ٢٦٣)، وابن حبان (٩٥) من طرق عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن الحكم البنانيّ، بإسناده، مثله.
ورواه الحاكم (١/ ١٠١) من وجه آخر عن عطاء وقال: "هذا حديث تداوله النّاس بأسانيد كثيرة تجمع ويذاكر بها. وهذا الإسناد صحيح على شرط الشّيخين".
ولكن قال الحاكم: ذاكرتُ أبا علي الحافظ (هو الحسين بن علي) بهذا الباب ثم سألته: هل يصح شيء من هذه الأسانيد عن عطاء؟ فقال: لا. قلتُ: لِم؟ قال: لأنّ عطاء لم يسمعه من أبي هريرة".
ثم ذكر الحاكم عدّة طرق لهذا الحديث وعرضه على شيخه فاستحسنه، واعترف له به، ثم قال الحاكم: "لما جمعتُ الباب وجدتُ جماعة ذكروا فيه سماع عطاء من أبي هريرة، ووجدنا الحديث بإسناد صحيح لا غبار عليه".