[١٦ - باب الرخصة في لباس القميص المعلم وخيط الحرير]
• عن عبد اللَّه، مولى أسماء بنت أبي بكر، -وكان خال ولد عطاء-، قال: أرسلتني أسماء إلى عبد اللَّه بن عمر، فقالت: بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الأُرجُوان، وصوم رجب كله، فقال لي عبد اللَّه: أما ما ذكرتْ من رجب فكيف بمن يصوم الأبد؟ وأما ما ذكرتْ من العلم في الثوب، فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"إنما يلبس الحرير من لا خلاق له" فخفت أن يكون العلم منه، وأما ميثَرة الأُرجُوان، فهذه ميثرة عبد اللَّه، فإذا هي أرجوان.
فرجعت إلى أسماء فخبّرتُها، فقالت: هذه جبة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخرجت إلي جبة طيالسة كسروانية لها لبنةُ ديباج، وفرجَيْها مكفوفين بالديباج، فقالت: هذه كانت عند عائشة حتى قُبِصْتْ، فلما قبضت قبضتُها، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها.
صحيح: رواه مسلم في اللباس (٢٠٦٩) عن يحيى بن يحيى، أخبرنا خالد بن عبد اللَّه، عن عبد الملك، عن عبد اللَّه مولى أسماء بنت أبي بكر، فذكره.
قال النووي:"الأرجوان" بضم الهمزة والجيم هذا هو الصواب المعروف في روايات الحديث، وفي كتب الغريب، وفي كتب اللغة وغيرها، وكذا صرح به القاضي في المشارق، وفي شرح القاضي عياض في موضعين منه أنه بفتح الهمزة وضم الجيم، وهذا غلط ظاهر من النساخ لا من القاضي عياض، قال أهل اللغة وغيرهم: هو صبغ أحمر شديد الحمرة، هكذا قاله أبو عبيد والجمهور. وقال الفراء: هو الحمرة، وقال ابن فارس: هو كل لون أحمر، وقيل: هو الصوف الأحمر، وقال الجوهري: هو شجر له نور أحمر أحسن ما يكون، قال: وهو معرب، وقال آخرون: هو عربي، قالوا: والذكر والأنثى فيه سواء، يقال: هذا ثوب أرجُوان، وهذه قطيفة أرجُوان، وقد يقولونه على الصفة، ولكن الأكثر في استعماله إضافة الأرجوان إلى ما بعده.
وقال: "أما جواب ابن عمر في صوم رجب فإنكار منه لما بلغها عنه من تحريمه، وإخبار بأنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الأبد، والمراد بالأبد ما سوى أيام العيدين والتشريق، وهذا مذهبه ومذهب أبيه عمر بن الخطاب وعائشة وأبي طلحة وغيرهم من سلف الأمة، ومذهب الشافعي وغيره من العلماء أنه لا يكره صوم الدهر.
وأما ما ذكرت عنه من كراهة العلم فلم يعترف بأنه كان يحرمه بل أخبر أنه تورع عنه خوفا من دخوله في عموم النهي عن الحرير.