فقه الباب:
قال الترمذي عقب حديث عمرو بن شعيب: "والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها، ثم أسلم زوجها، وهي في العدة أن زوجها أحق بها ما كانت في العدة.
وهو قول مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد إسحاق".
قلت: والمحققون من علماء الحديث ذهبوا إلى أن المرأة إن أسلمت، ولم يسلم زوجُها فهي إن أرادت بعد انقضاء العدة أن تتزوج فلها ذلك. وإن انتظرت وأقامت على النكاح الأول فمتى ما أسلم زوجها فهي زوجته.
إن أبا سفيان بن حرب أسلم بمر الظهران، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام. فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، وأقامت أياما قبل أن تسلم، ثم أسلمت، وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فثبتنا على النكاح الأول.
وكذلك أسلمت امرأة عكرمة بن أبي جهل وامرأة صفوان بن أمية، وهرب زوجاهما ناحية اليمن ثم جاءا فأسلما بعد مدة، فاستقرا على النكاح الأول.
وقال الخطابي بعد أن نقل تصحيح حديث ابن عباس، وتضعيف حديث عمرو بن شعيب: "وفي الحديث دليل على أن افتراق الدارين لا تأثير له في إيقاء الفرقة. وذلك أن أبا العاص كان بمكة بعد أن أطلق عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفكهـ من أسره، وقد كان أخذ عليه أن يجهز زينب إليه، ففعل ذلك، وقدمت زينب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقامت بها.
وقال: وقد روي أن جماعة من النساء ردهن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أزواجهن بالنكاح الأول. ثم ذكر من ذكرتهم قبل هذا.
وقال الحافظ ابن القيم في زاده (٥/ ١٣٧): "ولا نعلم أحدا جدد للإسلام نكاحه البتة، بل كان الواقع أحد أمرين: إما افترافهما، ونكاحهما غيره، وإما بقاؤهما عليه، وإن تأخر إسلامها عن إسلامه" انظر للمزيد "المنة الكبرى" (٦/ ١٨٠).
[١٩ - باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد]
• عن رافع بن سنان أنه أسلم، وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ابنتي وهي فطيم، أو شبهه، وقال رافع: ابنتي. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقعد ناحية" وقال لها: "اقعدي ناحية" وأقعد الصبية بينهما، ثم قال: "ادعواها" فمالت الصبية إلى أمها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اهدها" فمالت إلى أبيها فأخذها.
صحيح: رواه أبو داود (٢٢٤٤) وأحمد (٢٣٧٥) والحاكم (٢/ ٢٠٦) وعنه البيهقي (٨/ ٣) كلهم من طرق عن عيسى بن يونس، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني عن جدي رافع بن سنان فذكره.