أحاديث هذا الباب تدل على تحريم الثياب المعصفر للرجال، ولا يعارضها حديث البراء:"رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حلة حمراء"، لأن الحلة تطلق على إزار ورداء، وفيه أسود وأحمر، وهي البرود التي قد صُبغَ غزلها، ونُسج الأحمر مع غيره، فهي غير المضرج المصبغ حمرة.
قال الترمذيّ في حديث النهي عن المعصفر (٢٨٠٧): "معناه عند أهل العلم أنهم كرهوا لبس المعصفر، ورأوا أن ما صبغ بالحمرة بالمدر أو غيره فلا بأس به إذا لم يكن معصفرًا".
ويرى النووي رحمه اللَّه تعالى:"أن النهي للتنزيه، ونقل عن جمهور أهل العلم جواز الثياب المعصفرة، وهي المصبوغة بعصفر لحديث البراء، إلا أن مالكا رحمه اللَّه يرى: إنْ وجد غيرها فهو أفضل وقال: إنه لا بأس في لبسها في البيوت، وأفنية الدور، وكرهه في المحافل والأسواق ونحوها".
[١٢ - باب ما جاء في لبس الثوب الأخضر]
• عن عكرمة: أن رفاعة طلق امرأته، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير القرظي، قالت عائشة: وعليها خمار أخضر، فشكت إليها وأرتها خضرة بجلدها، فلما جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والنساء ينصر بعضهن بعضا- قالت عائشة: ما رأيت مثل ما يلقى المؤمنات، لجلدها أشد خضرة من ثوبها. الحديث.
متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (٥٨٢٥) عن محمد بن بشار، حدّثنا عبد الوهاب، أخبرنا أيوب، عن عكرمة، به، فذكره.
ورواه مسلم في النكاح (١٤٣٣) من وجوه أخرى عن عائشة مختصرًا دون ذكر الشاهد.
• عن أم خالد بنت خالد: أُتي النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بثياب فيها خَميصة سوداء صغيرة، فقال:"من ترون أن نكسو هذه؟ " فسكت القوم، قال:"ائتوني بأم خالد" فأتي بها تُحمل، فأخذ الخميصة بيده فألبسها، وقال:"أبلي وأخلقي" وكان فيها علم أخضر أو أصفر، فقال:"يا أم خالد، هذا سناه" وسناه بالحبشية حسن.
صحيح: رواه البخاريّ في اللباس (٥٨٢٣) عن أبي نعيم، حدّثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه سعيد بن فلان -هو عمرو بن سعيد بن العاص- عن أم خالد، فذكرته.
• عن أبي رِمْثة، قال: انطلقتُ مع أبي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما رأيته قال أبي: من هذا؟ قلت: لا أدري، قال: هذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاقشعْررْتُ حين قال ذلك، وكنت أظن أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يُشْبه الناس، فإذا له وفرة بها ردع من حِنّاء، وعليه بُردان أخضران، فسلم عليه أبي، ثم أخذ يحدثنا ساعة، قال:"ابنك هذا؟ " قال: إي ورب الكعبة أشهد به، قال:"أما إن ابنك هذا لا يَجْني عليك ولا تَجْني عليه"، ثم قرأ