للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لو طاوعْتَني على ذلك لأمرتُ به" (١).

ومات أبو جعفر المنصور عام (١٥٨ هـ) قبل أن يفرغ الإمام مالك من كتابة الموطأ.

[إتمام تدوين الأحاديث النبوية في القرن الخامس]

قول الشافعي هذا له أهمية كبيرة في بيان حفظ السنة النبوية، فقد كانت السنة النبوية متفرقة عند علماء الأمة، وهم متفرقون في البلدان، ومن الصعب لشخصٍ واحدٍ أن يرحل إلى جميع هذه المدن والقرى لسماع الحديث وتدوينه، إما لمشقّة السفر، وإما لقلة المال، قال الإمام أحمد: "لو كان عندي خمسون درهمًا لخرجتُ إلى جرير إلى الريّ" (٢).

فكان العلماء في الصدر الأول معذورين في ترك الحديث الصحيح لعدم الوقوف عليه، لأن الأحاديث لم تكن كلها مدونة، وإنما لا يزال بعضها يتلقى من أفواه الشيوخ، وهم متفرقون في البلدان، ثم زال هذا العذر بعد القرن الرابع وأوائل القرن الخامس عصر البيهقي وابن عبد البر والخطيب البغدادي وغيرهم من جهابذة هذا الفن، فإنه قد تمّ تدوين هذه الأحاديث المنتشرة في الآفاق في المدونات الكبيرة والصغيرة، وصارت في متناول أيدي الجميع، إلا أنها كانت مختلطة بالصحيح وغيره.

فكان من الممكن دراسة هذه الأحاديث، واستخراج الصحيح منها، واستيعابها في مؤلف واحد ليكون مرجعًا هامًّا مع كتاب اللَّه في فهم أصول الدين وقواعده.

[عدد متون الأحاديث في دواوين السنة]

في تقديري أنَّ دواوين السنَّة تحوي نحو أربعين ألف حديث بدون تكرار، منها: قرابة ثمانية آلاف حديث في "الكتب الستة" بدون تكرار الأسانيد، وتسعة عشر ألف حديث في "مجمع الزوائد" (يعني مسند أحمد، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى، والمعاجم الثلاثة للطبراني)، والزوائد على هذه الكتب -وهي اثنا عشر كتابا- لا أظن أنها تزيد على أكثر من عشرة آلاف في بقية كتب الحديث.


(١) ترتيب المدارس للقاضي عياض (٢/ ٧٣).
(٢) سير أعلام النبلاء (١١/ ١٨٣)، وجرير هو ابن عبد الحميد الضبي ت (١٨٨ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>