ولم يعرف هذا الحديث إلَّا من حديث أبي سهل".
ورواه أيضًا أبو داود من وجه آخر من حديث عبد الله بن المبارك، عن يونس بن نافع، عن كثير بن زياد (وهو أبو سهل) قال: حدثتني الأزدية (يعني مُسّة) قالت: حججت فدخلت على أم سلمة فقلت: يا أم المؤمنين! إن سمرة بن جندب يأمر النساء يقضين صلاةَ المحيض، فقالت: لا يقضين، كانت المرأة من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - تقعد في النِّفاس أربعين ليلةٌ، لا يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضاء صلاة النِّفاس.
قال أبو داود: كثير بن زياد كنيتُه أبو سهل.
قلت: رجالُ هذا الإسناد ثقات غير مُسَّة - بضم أولها والتشديد - الأزدية، وكانت تكنى بأم بسة - بضم الموحدة وتشديد السين - اختلف فيها؛ فحسَّه النوويُّ في "الخُلاصةِ" (١/ ٢٤١)، وصحّحه الحاكمُ في "المستدرك" (١/ ١٧٥)، والحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، وقد روي عنها جماعة منهم: كثير بن زياد، وأبو سهل، والحكم بن عتيبة، وزيد بن علي بن الحسين وغيرهم.
وقد ذهب أكثرُ أهل العلم إلى أنَّ أكثر الفاسي أربعون يومًا .. منهم عمر، وعثمان، وعائشة، وأمُّ سلمة، وعطاء، والثوري، وأحمد بن حنبل، ومالكٌ .. وغيرهم.
قال الترمذيُّ في سُننِه: وقد أجمع أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والتابعون، ومن بعدهم على أنَّ النساء تدعُ الصلاة أربعينَ يومًا، إلَّا أن ترى الطُهرَ قبل ذلكَ، فإنَّها تغتسِلُ وتُصلِّي .. انتهى.
وقد رُويَ التوقيتُ أيضًا عن عددٍ من الصحابة، منهم: أنس بن مالكٍ، أخرجه ابن ماجه (٦٤٩)، وفيه سلام الطويل، وهو متروكُ، وعثمان بن أبي العاص، وعبد الله بن عمرو، وجابر، وعائشة، وأبي هريرة، وأبي الدرداء، وغيرهم .. وكلها معلولة. انظر السنن الكبرى" (١/ ٣٤٣).
تنبيه:
وقد اغتررت بكلام البوصيري في حديث أنس بن مالك في زوائد ابن ماجه؛ فإنه قال: "إسناده صحيح ورجاله ثقات"، ثم تبين لي أن هذا من أوهامه؛ فإنَّ سلّام بن سليم أو سلم ليس هو أبا الأحوص الثقة كما ظنّ، وإنَّما هو الطويل كما أكّد ذلك ابن عدي في الكامل (١/ ٣٠١) وابن حبان في المجروحين (١/ ٣٣٩) والدارقطني (١/ ٢٢٠) والبيهقي (١/ ٣٤٣) بأنه هو الطويل أبو سليمان المدائني، قال فيه أحمد: روى أحاديث منكرة. وقال ابن معين: ضعيف لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث تركوه. وقال النسائي: متروك.
فمن لديه "المنة الكبرى" (١/ ٢٣٣) فليصحّح ذلك، ويجعله حديثًا ضعيفا.
[٢ - باب كيفية غسل دم الحيض من الثوب]
• عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت: سألت امرأةٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! أرأيتَ إحدانا إذا أصاب ثوبَها الدمُ من الحيضة، كيف تَصنَعُ؟ فقال