ذكرنا من الأدلة" جلاء الأفهام (ص ٥١١).
قلت: وأحسن ما جاء في هذا الباب ما رواه أبو عوانة في "صحيحه" (٢٠٦٠، ٢٢٩٥) عن الحسن بن علي بن عفان، ثنا محمد بن بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، قال: انطلقت إلى عبد الله بن عباس فسألته عن الوتر، فقال: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض، وذكر الحديث، وفيه:
قال سعد بن هشام: قلت لعائشة: يا أمَّ المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنا نعدّ له سواكهـ وطهوره من الليل، فيبعثه الله فيما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربه ويصلي على نبيه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، ثم يسلم تسليمة يُسمعنا، أو تسليم يسمعنا.
والحديث في "صحيح مسلم" (٧٤٦: ١٣٩) رواه عن محمد بن المثنى العنزي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سعيد بإسناده، فذكره بطوله.
وفيه: "لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله وبحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم" فذكره.
ورواه أيضًا عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا سعيد بإسناده وقال: ساق الحديث بقصته، ولم يذكر لفظه.
فإن قصد مسلم رواية محمد بن المثنى فليس فيها الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد، وإن قصد غير ذلك فمن عادته أنه يذكر الزيادات، وحيث أنه أبهم، فالظاهر أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الركعة الثامنة غير موجودة.
فالزيادة التي في صحيح أبي عوانة إما أن يحكم عليها بالشذوذ، لأنه لم يذكر أحد ممن وصف وتر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الليل أنه يصلي على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول، أو كان يفعل أحيانًا لا دائمًا وخاصة في صلاة الليل دون النهار.
[١٢ - باب ما جاء من الأدعية قبل التسليم]
• عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - إنها أخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة: "اللَّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات. اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم".
فقال له قائل: ما أكثر - ما نستعيذ من المَغْرَم يا رسول الله! فقال: "إن الرجل إذا غَرِم حدَّث فكذَب، ووَعَدَ فأخْلَف".
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٨٣٢)، ومسلم في المساجد (٥٨٩) كلاهما من طريق أبي اليمان، أخبرنا شُعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة أخبرته ...