[١٠٧ - تفسير سورة الماعون وهي مكية، وعدد آياتها ٥]
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)}
قوله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} فيه استنكار من الله تعالى على الذين يكذبون بالدين، وهو المعاد والجزاء والثواب، ثم بيَّن بعض صفات هؤلاء، فقال: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} أي: يقهر اليتيم ولا يحسن إليه.
ومعنى {يَدُعُّ} يدفع بعنف وقهر كقوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: ١٣].
وقوله: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} الحض: الحث، ونفي الحض يستلزم نفي الإطعام، وهو من الأخلاق السيئة لهؤلاء المكذبين بيوم الدين.
وقوله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.
١ - المراد منه المنافقون الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها.
٢ - أو لا يؤدون الصلاة بأركانها وشروطها خاشعين وخاضعين.
٣ - أو يتركون الصلاة أصلا إذا كان في السر لا يراه غيرهم.
والأحاديث الواردة في صلاة المنافقين كثيرة جدا، منها ما جاء في الصحيح.
• عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرها أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (٦٢٢) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه دخل على أنس بن مالك، في داره بالبصرة، فذكره.
وقوله: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} ولم يقل في صلاتهم ساهون.
قال عطاء بن دينار: "والحمد لله الذي قال: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} ولم يقل في صلاتهم ساهون".
وقوله: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} أي: يعملون عملا ليراه الناس، وليس لله عز وجل، وهو وصف آخر للمنافقين، كما جاء في سورة النساء: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ} [١٤٢]