للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحمد (٧١٢٥)، والطحاوي في "شرح المعاني" (٥٧٥٤) كلاهما عن هشيم به.

وبهذا صح أن المرتهن هو الذي ينتفع من الرهن، وهو قول الإمام أحمد.

ولكن ادعى الطحاوي نسخ الحديث المذكور بلا حجة.

وأوَّل الشافعي بقوله: "يشبه قول أبي هريرة -واللَّه أعلم- أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن درعها وظهرها؛ لأن له رقبتها، وهي محلوبة ومركوبة، كما كانت قبل الرهن. وقال: ومنافع الرهن للراهن، ليس للمرتهن منها شيء. انتهى. انظر الأم (٣/ ١٦٤)، ونقل عنه البيهقي (٦/ ٣٨، ٣٩).

وهذا التأويل من الشافعي يُفَوت مصلحة الرهن، وقد لا يستطيع الراهن الإنفاق عليها لبعد المكان، ثم ليس هو مثل القرض يجر نفعا؛ لأن الظهر يحتاج إلى النفقة، فعلى المرتهن أن ينتفع بقدر النفقة.

هذا إذا كان الرهن ذات الروح، وأما إن كان الرهن مثل الحلي والثياب فليس للمرتهن الانتفاع به؛ لأنه لا يحتاج إلى النفقة.

وقد فصّلتُ قول أهل العلم مع أدلتهم في "المنة الكبرى" (٥/ ٢٧١ - ٢٧٣)، فراجعه لمعرفة المزيد.

[٣ - باب أن المرتهن لا يستحق الرهن إذا تأخر الراهن عن الوفاء بالدين الذي عليه]

• عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يغلق الرهن، له غنمه، وعليه غرمه".

حسن: رواه الدارقطني (٣/ ٣٤) عن أبي محمد بن صاعد، نا عبد اللَّه بن عمران العابدي، نا سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.

وهذا الحديث اختلف أصحاب الزهري عليه:

فرواه ابن أبي ذئب، ومالك، ويونس، ومعمر كلهم عن الزهري مرسلا، إلا أن بعض هؤلاء وغيرهم روى عنه متصلا، وإليكم تفصيل ذلك:

رواه الشافعي في الأم (٣/ ١٦٧) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يغلق الرهنُ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه". ومن طريق الشافعي رواه البيهقي (٦/ ٣٩).

وقد اختلف علي ابن أبي ذئب، فرواه محمد بن إسماعيل مرسلا، ورواه إسماعيل بن عياش، عنه، وعن الزبيدي كلاهما عن الزهري متصلا. وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وابن أبي ذئب من المدنيين، ولكن متابعة الزبيدي -وهو محمد بن الوليد الحمصي- تقويه، فدل على أنه لم يخطئ فيه. وهذان الطريقان رواهما الدارقطني (٣/ ٣٣).

وأما مالك فرواه مرسلا، كما في رواية يحيى في كتاب الأقضية (١٣)، وكذلك رواه سائر رواة الموطأ إلا معن بن عيسى فوصله، كما قال ابن عبد البر، وقد أشار الحاكم إلى الرواية المتصلة لمالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>