في القبر، وإذا يقول: "ناولوني صاحبكم" فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.
حسن: رواه أبو داود (٣١٦٤) عن محمد بن حاتم بن بزيغ، حدثنا أبو نعيم، عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخبرني جابر بن عبد الله، أو سمعت جابر بن عبد الله قال: فذكره.
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٦٨) وقال: "صحيح على شرط مسلم".
قلت: وهو كما قال: فإن في الإسناد محمد بن مسلم: وهو ابن سوسن الطائفيّ، وقيل سويس، روى عنه مسلم متابعة، والبخاري تعليقًا، إلا أنه مختلف فيه، فضعَّفه الإمام أحمد، ومشاه الآخرون، فوثَّقه ابن معين وأبو داود والعجلي وغيرهم، وذكره ابن حبان في "الثقات" إلا أنه قال: "يخطئ".
والخلاصة فيه كما في التقريب: "صدوق يخطئ" ولم يظهر لنا خطؤه في هذا الحديث، بل له شواهد تقويه، منها ما مضى، ومنها ما رواه ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل قبًرا ليلًا فأُسرِج له سراج، فأخذه من القبلة وقال: "رحمك الله إن كنت لأوَّاها تلاءً للقرآن" وكبَّر عليه أربعًا.
رواه الترمذي (١٠٥٧)، وابن ماجه (١٥٢٠) كلاهما من طريق يحيى بن اليمان، عن المنهال ابن خليفة، عن الحجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن ابن عباس فذكر الحديث واللفظ للترمذي، وأما ابن ماجه فاختصره.
وهذا إسناد ضعيف من أجل المنهال بن خليفة فإنه "ضعيف" كما في "التقريب"، والحجاج بن أرطاة "مدلس" وقد عنعن، وضعَّفه أيضًا البيهقي (٤/ ٥٥)، وأما الترمذي فقال: "حديث حسن" وقال: "رخص أكثر أهل العلم في الدفن بالليل".
قلت: وعليه يدل عمل الصحابة، فأبو بكر دفن ليلًا، وعلي بن أبي طالب دفن فاطمةَ ليلًا، وممن دفن ليلًا: عثمان وعائشة وابن مسعود، ورخص فيه عقبة بن عامر وابن المسيب وعطاء والثوري والشافعي وإسحاق، وكرهه الحسن وأحمد في إحدى الروايتين، والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر.
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" (٤/ ٣٠٨ - ٣٠٩) بعد أن نقل هذه الآثار وغيرها: "والآثار في جواز الدفن بالليل أكثر" وقال: "قيل: وحديث النهي محمول على الكراهة والتأديب، والذي ينبغي أن يقال في ذلك -والله أعلم- إنه متى كان الدفن ليلًا لا يفوت به شيء من حقوق الميت والصلاة عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه، والصلاة عليه، وتمام القيام عليه نهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر، وبالله التوفيق".
[٤ - باب ما جاء في النهي عن الدفن بالليل، والمراد به كيلا تفوته الصلاة على الجنازة]
• عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قُبض، فكفِّن في كفن غير طائل، وقُبر ليلًا، فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن