أطلق عليهم هذه اللفظة بتركهم الأمر الذي أمرهم به، وهو الإفطار، لا أنّهم صاروا عصاة بصومهم في السَّفر".
وقال الشافعي: معنى قوله: "أولئك العصاة" هذا إذا لم يحتمل قلبُه قبول رخصة الله، فأما من رأي الفطر مباحًا وصام وقوي على ذلك، فهو أعجب إليَّ". ذكره الترمذيّ (٧١٠).
• عن قزعة، قال: أتيت أبا سعيد الخدريّ رضي الله عنه وهو مكثُور عليه، فلمّا تفرَّق النَّاسُ عنه، قلتُ: إنِّي لا أسألك عمّا يسألك هؤلاء عنه. سألته عن الصّوم في السفر؟ فقال: سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكّة ونحن صيام. قال: فنزلنا منزلًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكم قد دنوتم من عدوِّكم والفطرُ أقوى لكم". فكانت رخصة فمنّا من صام، ومنّا من أفطر. ثمّ نزلنا منزلا آخر، فقال: "إنَّكم مُصْبِّحُوا عدُوّكم، والفطرُ أقوى لكم، فأفطروا". وكانت عَزْمةً، فأفطرنا. ثمّ قال: رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السَّفر.
صحيح: رواه مسلم في الصيام (١١٢٠) عن محمد بن حاتم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مهديّ، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة (هو أبن يزيد الدّمشقيّ)، قال: حَدَّثَنِي قزعة، به، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١١٣٠٧) عن عبد الرحمن بن مهديّ، بإسناده مطوَّلًا.
قوله: "مكثور عليه" أي عنده كثيرون من الناس.
• عن عمر بن الخطّاب، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان غزوتين: يوم بدر والفتح، فأفطرنا فيهما.
حسن: رواه الترمذيّ (٧١٤) عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حُييّة، عن ابن المسيب، أنه سأله عن الصوم في السفر؟ فحدّث أن عمر بن الخطّاب، قال: فذكره. وفيه ابن لهيعة إِلَّا أن رواية قُتَيبة عنه كانت قبل اختلاطه.
ورواه الإمام أحمد (١٤٢) عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، بإسناده، مثله.
ورواه أيضًا (١٤٠) عن أبي سعيد -وهو عمرو بن محمد العنقري-، عن ابن لهيعة، حَدَّثَنَا بكير، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، فذكره نحوه. وفيه متابعة ليزيد بن أبي حبيب.
وأمّا سماع سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطّاب فمختلف فيه، والراجح ما قاله الإمام أحمد: "أنه رآه وسمع منه. إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ ! ". انظر: الجرح والتعديل (٤/ ٦١).
[١٩ - باب استحباب الفطر في السفر إذا عجز عن خدمة نفسه]
• عن أبي هريرة، قال: أُتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بطعام بمر الظهران، فقال لأبي بكر وعمر: