السختياني وحماد بن سلمة فروى ابن علية، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن جابر أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقيد، فقيل له: حتى يبرأ. فعجل، فاستقاد ... فذكر الحديث.
وقال: ورواه حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن رجلا طعن رجلا فذكر الحديث.
قال أبو زرعة: "حديث حماد بن سلمة أشبه". "العلل" (١/ ٤٦٣).
قلت: حديث ابن علية أخرجه ابن أبي شيبة (٩/ ٣٦٩) والدارقطني (٣/ ٨٩) وقال الدارقطني: قال أبو أحمد بن عبدوس: ما جاء بهذا إلا أبو بكر وعثمان. قال الشيخ: أخطأ فيه ابنا أبي شيبة. وخالفهما أحمد بن حنبل وغيره، عن ابن علية، عن أيوب، عن عمرو مرسلًا. وكذلك قال أصحاب عمرو بن دينار عنه، وهو المحفوظ مرسلًا". انتهى.
ونقل الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٣٧٦ - ٣٧٧) عن التنقيح: "ظاهر هذا الحديث الانقطاع".
يستفاد من أحاديث الباب مع ضعفها وإنْ كان يعضد بعضه بعضا، أنه لا يجوز الاقتصاص من الجرح حتى يستقر أمره، إما باندمال أو غيره وهو مذهب جمهور أهل العلم. وأجاز الشافعي إذا رضي به المجروح وطلبه على إسقاط ما يؤول إليه جرحه من الموت أو العيب.
انظر للمزيد "المنة الكبرى" (٧/ ٦٨).
١٥ - باب ما رُويَ في القصاص من الضرب
خطب عمر بن الخطاب فقال: يا أيها الناس، ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرانينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذ ينزل الوحي، وإذ ينبئنا الله أخباركم، ألا وإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد انطلق، وقد انقطع الوحي، وإنما نعرفكم بما نقول لكم، من أظهر منكم خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن أظهر لنا شرًا، ظننا به شرًا، وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنه قد أتى عليّ حينٌ وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده، فقد خيّل إليّ بأخرة ألا إن رجالا قد قرؤوه يريدون به ما عند الناس، فأريدوا الله بقراءتكم، وأريدوه بأعمالكم.
ألا إني والله ما أرسل عُمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفسي بيده إذًا لأقصّنّه منه. فوثب عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، أو رأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية، فأدب بعض رعيته، أئنك لَمُقتَصّه منه؟ قال: إي والذي نفس عمر بيده، إذًا لأقصّنّه منه، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقص من نفسه؟ ألا لا تضربوا المسلمين فتذلّوهم، ولا تُجمروهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتُضيّعوهم.
رواه أحمد (٢٨٦) واللفظ له، وأبو داود (٤٥٣٧) والنسائي (٤٧٧٧) وصحّحه الحاكم (٤/ ٤٣٩) كلهم من حديث الجريري سعيد بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي فراس، قال: خطب عمر فذكره.