[١ - باب ما جاء في تأكيد الوتر وأنه سنة وليس بواجب]
• عن أبي مُحيريز أنَّ رجلًا من بني كِنانة يُدعى المُخْدَجِيَّ سمع رجلًا بالشام يكنَّى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب. فقال المُخْدَجِيَّ: فَرُحتُ إلى عبادة بن الصَّامت، فاعترضتُ له وهو رائع إلى المسجد. فأخبرته بالذي قال أبو محمد، فقال عبادةُ: كذب أبو محمد، سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول:"خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ على العباد، فمن جاء بهن لم يُضيّعْ مِنه شيئًا استخفافًا بحقهنّ كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة. ومن لم يأت بهِنَّ فليس له عند الله عهد. إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدْخَلَه الجنّة".
صحيح: رواه مالك في صلاة الليل (١٤) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن ابن محيريز فذكره.
ورواه أبو داود (١٤٢٠)، والنسائي (٤٦١) كلاهما من طريق مالك به مثله. ورواه ابن ماجة (١٤٠١) من طريق محمد بن يحيى بن حبَّان به مثله.
قال المنذري:"قال أبو عمر النَّمْري": "لم يُخْتَلَف عن مالك في إستاد هذا الحديث وهو حديث صحيح ثابت".
وصحّحه ابن حبَّان (١٧٣٢) ورواه من طريق يحيى بن سعيد به مثله.
إِلَّا أنه قال: جاء رجل إلى عُبادة بن الصَّامت ولم يسمه. ورواه أيضًا من طرق عن محمد بن يحيى بن حبَّان به مثله وسمي الرّجل المُخْدَجِيّ - وهو - أبو رفيع (١٧٣١، ٢٤٧١).
وأبو محمد: رجل من الأنصار له صحبة.
وقوله: كذب بمعنى أخطأ، لم يرد به تعمدَ الكذبِ الذي هو ضِدُّ الصدقِ، لأنَّ الكذب إنّما يجري في الأخبار، وأبو محمد هذا إنّما أفتى فتيا، ورأي رأيًا فأخطأ فيما أفتي به، أفاده الخطّابي.
والمُخْدَجِيّ هو: أبو رافع، وقيل: رُفَيع، تفرّد بالرواية عنه عبد الله بن مُحَيريز، ولم يُؤثَر توثيقه عن غير ابن حبَّان ورواية مالك عنه توثيق عند بعض أهل العلم، لأنَّه لا يروي إِلَّا عن ثقات. إِلَّا أنَّه لم ينفرد به بل تابعه عبد الله الصُّنابحي وسبق تخريجه في أوائل كتاب الصّلاة، باب في تأكيد الصلوات والمحافظة عليها. كما تابعه أيضًا أبو إدريس الخولاني عند أبي داود الطيالسي (٥٧٤)