متفق عليه: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٥٠٤٣) ومسلم في صلاة المسافرين (٨٢٢: ٢٧٨) كلاهما من طريق مهدي بن ميمون، حدّثنا واصل الأحدب، عن أبي وائل، فذكره، والسياق لمسلم، وسياق البخاريّ مختصر.
• عن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له: نُهَيك بن سِنان إلى عبد اللَّه، فقال: يا أبا عبد الرحمن! كيف تقرأ هذا الحرف، ألفا تجده أم ياء: من ماء غير آسن أو من ماء غير ياسن؟ قال: فقال عبد اللَّه: وكلٍ القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال: إني لأقرأ المفصل في ركعة. فقال عبد اللَّه: هَذًّا كهَذِّ الشعر؟ إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع، إن أفضل الصلاة الركوع والسجود، إني لأعلم النظائر التي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرُنُ بينهن، سورتين في كل ركعة. ثم قام عبد اللَّه فدخل علقمة في إثره، ثم خرج فقال: قد أخبرني بها.
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٨٢٢: ٢٧٥) من طرق عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي وائل، فذكره.
اتفق أهل العلم على كراهة الإفراط في الإسراع، ولكن اختلفوا هل الأفضل الترتيل، أو عدم الترتيل مع مخارج الحروف الصحيحة، فمن ذهب إلى أفضلية الترتيل فقال: للتدبر الذي أمر اللَّه به {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢]، ومن ذهب إلى عدم الترتيل قال: لكل حرفٍ عشرُ حسنات.
قلت: ولكلٍّ حالاتٌ تؤثِّرُ لحى القلب، فمن كان تأثيره أكثر فهو الأفضل.
[٢١ - باب نزول القرآن وتربية النفوس]
• عن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها إذ جاءها عراقي، فقال: أي الكفن خير؟ قالت: ويحك، وما يضرك. قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك. قالت: لِمَ؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدًا، لقد نزل بمكة على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وإني لجارية ألعب:{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}[القمر: ٤٦]. وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده. قال: فأخرجت له المصحف، فأملت عليه آي السورة.