وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عمر قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلي بالناس ثم قال: "من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف". رواه ابن ماجه (١٢١٣) عن جبارة بن المُغَلِّس، قال: حدثنا مندل بن علي، عن عبد العزيز بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وجبارة بن المُغَلِّس وشيخه مندل بن علي ضعيفان.
فمن نظر إلى كثرة الشواهد قال: إنَّ الحديثَ له أصلٌ، وقد عُمِل به بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد ثبت في صحيح البخاري كتاب الأضاحي (٥٥٧٢) قال أبو عبيد مولي ابن أزهر: شهدتُ العيدَ يوم الأضحى مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: يا أيها الناس! إنَّ هذا يومٌ قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحبَّ أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له. انتهى.
فرأى من الجائز أن يتخلَّف عن صلاة الجمعة إذا اجتمع العيدان في يوم واحد. انظر كلام أهل العلم في "المنة الكبرى" (٢/ ٢٧٣، ٢٧٤).
[٢١ - باب الجلوس لاستماع الخطبة في العيدين]
يكره الكلام عند خطبة الجمعة ويقاس عليه خطبة العيدين.
قال ابن عباس: "يكره الكلام في أربعة مواطن في العيدين والاستسقاء والجمعة، وكذلك رُوي عن الحسن وابن سيرين أنهما كرها الكلام يوم العيد، والإمام يخطب.
وأما ما رُوي من الانصراف في حديث عبد الله بن السائب؛ فهو مختلف فيه. فقد رواه أبو داود (١١٥٥)، والنسائي (٣/ ١٨٠)، وابن ماجه (١٢٩٠) كلهم من طريق الفضل بن موسى السيناني، حدّثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن السائب، قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العيد، فلمَّا قضى الصلاة قال: "إنَّا نخطب، فمن أحبَّ أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحبَّ أن يذهبَ فليذهب" واللفظ لأبي داود، وقال: هذا مرسل عن عطاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: وكذلك قال يحيى بن معين بأنَّه خطأ، إنما هو عن عطاء فقط. وإنما غلط فيه الفضل بن موسى السيناني وقال: "عن عبد الله بن السائب" وكذلك قال أبو زرعة الرازي كما في العلل لابن أبي حاتم (١/ ١٨٠) وكذلك قال النسائي: والصواب مرسل نقله المنذري في مختصر أبي داود. وابن خزيمة وإن كان أخرج الحديث في صحيحه (١٤٦٢) إلَّا أنَّه قال عَقِبه: "هذا حديث خراسانِيِّ غريبٌ غريبٌ، لا نعلم أحدًا رواه غير الفضل بن موسي، كان هذا الخبر أيضًا عند أبي عمَّار، عن الفضل بن موسى، لم يحدثنا به بنيسابور، حدَّث به أهلَ بغداد على ما خَبَّرني بعض العراقيين". انتهى.
وأما الحاكم فأخرجه (١/ ٢٩٥) وصحَّحه على شرط الشيخين وكذلك قوَّى أمره ابن التركماني "الجوهر النقي" وقال: "الفضل بن موسى ثقة جليل، روي له الجماعة، وقال أبو نعيم: هو أثبت