وهذا الذي فهمه أيضًا النسائي فأخرج الحديث في السنن الكبرى (١٣٠٧) في باب الحثّ على قيام الليل. وفيه ذمّ لمن جعل القرآن كالوسادة، وغفل عن قيام الليل والتهجد.
[٨ - باب جامع صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل]
• عن سعد بن هشام بن عامر أنه أراد أن يغزُوَ في سبيل الله، فَقَدِم المدينة، وأراد أن يبيع عقارًا بها، فيجعله في السلاح والكُراع، ويُجاهد الرُّوم حتى يموتَ، فلما قدِم المدينة لَقِيَ أُناسًا من أهل المدينة، فنَهوه عن ذلك، وأخبروه أن رَهْطًا سِتَّةً أرادوا ذلك في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنَهاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: أليس لكم فيَّ أسوةٌ؟ فلما حدَّثوه بذلك راجع امرأته - وقد كان طلَّقها - وأشهد على رَجْعَتِها فأتى ابن عباسٍ، فسأله عن وِتْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال ابنُ عباسٍ: ألا أدُلُّك على من هو أعلم أهل الأرض بوتر رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: من؟ قال: عائشة، فَأتِها فسَلْها، ثم أتِني فَأَخبرني بردِّها عليك. قال: فانطلقتُ إليها، فأتيتُ على حكيم بن أفْلحَ، فاسْتَلْحَقْتُه إليها، فقال: ما أنا بقارِبِها، لأني نهيتُها أن تقولَ في هاتين الشِّيعَتَين شيئًا، فأبَتْ فيهما إلَّا مُضيًّا، قال: فأقسمتُ عليه فجاء، فانطلقنا إلى عائشةَ، فاستأذَنَّا عليها، فأذِنَت لنا، فدخلنا عليها، فقالتْ: حكيمٌ؟ فَعَرَفَتْه، فقال: نعم، فقالت: مَنْ معك؟ قال: سعدُ بنُ هشام. قالت: مَنْ هشام؟ قال: ابنُ عامر، فتَرَحَّمَتْ عليه، وقالت خيرًا - قال قتادة: وكان أصيبَ يوم أُحُدٍ - فقلت: يا أمَّ المؤمنين! أنبئيني عن خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: ألسْتَ تقرأ القرآنَ؟ قلت: بلى. قالت: فإن خُلُقَ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآنَ قال: فهَمَمْتُ أن أقومَ، ولا أسألَ أحدًا عن شيء حتى أموتَ، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ألستَ تقرأ: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)}؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض القيام في أوّل هذه السّورة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولًا، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا [في السماء]، حتى أنزل الله عز وجل في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعًا بَعْدَ فريضةٍ، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وِتْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنا نُعِدُّ له سِواكَه، وطَهورَه، فيبعثه الله متى شاء أَنْ يبعثَه من الليل، فيتسوَّك ويتوضأ، ويصلِّي تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكُر الله ويحمدُه [ويَدْعوه، ثم ينهض ولا يسلِّم، ثم يقومُ فيصلِّي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمدُه ويدعوه]، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلِّي ركعتين بعد ما يسلِّمُ وهو