أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [سورة النساء: ٢٩].
ولذا ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم التسعير مستدلين بهذه الأحاديث.
وقد ثبت عن عمر بن الخطاب أنه راجع عن تدخله في أمور السوق، رواه مالك في الموطأ في البيوع (٦٠) عن يونس بن يوسف، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة، وهو يبيع زبيبا له بالسوق، فقال له عمر بن الخطاب: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا.
وتفصيل ذلك كما رواه الشافعي عن الدراوردي، عن داود بن صالح التمار، عن القاسم بن محمد، عن عمر بن الخطاب أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة، وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فذكر نحو حديث مالك: إما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك بيتك فتبيعه كيف شئت. فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره، فقال له عمر: إن الذي قلت ليس بعزيمة مني، ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت وكيف شئت فبع". (الاستذكار ٢٠/ ٧٥، والسنن الكبرى للبيهقي (٦/ ٢٩).
ولكن يجوز للحاكم إذا رأى أن البائعين أغلوا أسعارهم، وأفسدوا على المسلمين معيشتهم أن بسعر لهم الطعام الذي هو قوت الحياة؛ لأن فيه إقامة السوق وإصلاحها؛ لأن من حق الوالي أن ينظر للمسلمين فيما يصلحهم، ويعمهم نفعه.
وقد قال به بعض أهل العلم، منهم الليث بن سعد، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.
وبه قال بعض المالكية والحنفية بناء على القاعدة الفقهية: "إن الضرر يزال". ولا شك إن تعدى البائع على السلعة الأساسية يعتبر من أكبر الضرر على عامة الناس.
[٥٩ - باب فيمن باع بيعتين في بيعة]
• عن أبي هريرة قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة.
حسن: رواه الترمذي (١٢٣١)، والنسائي (٤٦٣٢)، وأحمد (٩٥٨٤)، وصحّحه ابن حبان (٤٩٣)، والبيهقي (٥/ ٣٤٣)، وابن الجارود (٦٠٠) كلهم من طرق عن محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي-؛ فإنه حسن الحديث.
هكذا رواه عبد الوهاب بن عطاء، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ومعاذ بن معاذ، وعبدة بن سليمان، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، كلهم عن محمد بن عمرو به مثله.
وخالفهم يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، فرواه عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي