الكافر هنا بمعنى الساتر لنعمة اللَّه وكاتمها، لا الكافر الخارج عن الدين، لأن الذي لا يظهر نعمة اللَّه لا يخرج من الإسلام، إلا أن يقال: إن الكتمان هنا كتمان اليهود والنصارى العلم الذي عندهم لنبوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالكفر يكون بمقابل الإسلام.
وروي عن ابن عباس قال: كان كَرْدَم بن زيد -حليفُ كعب بن الأشرف- وأسامة بن حبيب، ونافع بن أبي نافع، وبَحْريّ بن عمرو، وحُيَيّ بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التابوت، يأتون رجالا من الأنصار -وكانوا يخالطونهم، يتنصحون لهم- من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيقولون لهم: لا تنفقوا أموالكم، فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة، فإنكم لا تدرون ما يكون! فأنزل اللَّه فيهم:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، أي: من النبوة، التي فيها تصديق ما جاء به محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}، إلى قوله:{وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا}.
رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (٦/ ٢٤) وابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٦٤) كلاهما من حديث سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد -وهو مولى زيد بن ثابت-، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
ومحمد بن أبي محمد -مولى زيد بن ثابت- شيخ محمد بن إسحاق "مجهول، تفرد محمد بن إسحاق عنه"، كما في التقريب.
• عن أبي سعيد الخدري، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الشفاعة الطويل وفيه:"فيقول عز وجل: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه" قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوا فاقرؤوا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}.
وفي رواية:"أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان".
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤٣٩) ومسلم في الإيمان (١٨٣) كلاهما من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، فذكره. واللفظ للبخاري. وفي لفظ مسلم:"من وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير".