[جموع أبواب الاعتكاف]
١ - باب الاعتكاف في المساجد كلّها
قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [سورة البقرة: ١٨٧].
إنّ الله عزّ وجلّ قيّد الاعتكاف بالمساجد؛ لأنّه لا يجوز في غير المساجد.
وقوله: {الْمَسَاجِدِ} "فيه إشارة إلى أنه لا يختص بمسجد دون مسجد، وأفضله المساجد الثلاثة بالترتيب ثم غيرها.
وأمّا ما رُوي عن حذيفة، قال لعبد الله -يعني ابن مسعود-: عكوف بين دارك ودار أبي موسى، لا تغيِّر؟ ! وقد علمتَ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومسجد بيت المقدس".
قال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا".
فهو حديث مختلف في رفعه ووقفه، والصّواب أنه موقوف.
رواه الطّحاوي في "مشكله" (٢٧٧١) عن محمد بن سنان الشيرازيّ، قال: حدّثنا هشام بن عمّار، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، قال: قال حذيفة (فذكره).
ورواه البيهقي (٤/ ٣١٦) من وجه آخر عن محمود بن آدم المروزي، ثنا سفيان بن عيينة، بإسناده، وقال: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا اعتكاف إلّا في المسجد الحرام" أو قال: "إلّا في المساجد الثلاثة".
فقال عبد الله: لعلّك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا - الشكّ مني.
ورواه سعيد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، بإسناده وجاء فيه: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" أو قال: "مسجد جماعة".
رواه ابن حزم في "المحلي" (٥/ ٢٨٨) من طريق سعيد بن منصور، وقال: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشك، ولو أنه عليه السلام قال: "لا اعتكاف إلّا في المساجد الثلاثة" لحفظه الله علينا ولم يدخل فيه شكًا، فصحّ يقينًا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقله قطّ".
ثم جاء موقوفًا أيضًا، وهو ما رواه عبد الرزاق (٨٠١٦) عن ابن عيينة، عن جامع بن أبي راشد، قال: سمعت أبا وائل يقول: قال حذيفة لعبد الله: قوم عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تنهاهم؟ فقال له عبد الله: لعلّهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت. فقال حذيفة: لا اعتكاف إلّا