وقال أبو عبيد: "قوله: "مصرّاة" يعني الناقة أو البقرة أو الشاة التي قد صري اللبن في ضرعها، يعني حُقن فيه، وجمع أياما، فلم تحلب أياما. وأصل التصرية حبس الماء وجمعه، يقال منه: صَرّيت الماء وصَرَيته.
قال الأغلب:
رأيت غلاما قد صَرَى في فِقْرته ... ماء الشبابِ عنفوانُ شِرّته
ويقال: هذا ماء صَرَى. مقصور.
قال عبيد بن الأبرص:
يا رُب ماءٍ صَرَى وردته ... سبيله خائف جديبُ
ويقال منه: سميت المصّراة كأنها مياه اجتمعت، وكان بعض الناس يتأوّل من المصراة أنه من صرار الإبل، وليس هذا من ذلك في شيء، لو كان من ذاك لقال: مَصْرُورة، وما جاز أن يقال ذلك في البقر والغنم؛ لأن الصّرار لا يكون إلا للإبِل". انتهى. غريب الحديث (٢/ ٢٤١ - ٢٤٢).
قال الخطابي: "قول أبي عبيد حسن، وقول الشافعي صحيح".
انظر للمزيد "المنة الكبرى" (٥/ ١٢٣ - ١٣٦)، وفيه تفاصيل أخرى من كلام أهل العلم في فقه الحديث.
[٥٣ - باب النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة]
• عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
صحيح: رواه عبد الرزاق (١٤٣٣) قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال فذكره.
وكذلك رواه ابن الجارود في المنتقى (٦١٠) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، والبيهقي (٥/ ٢٨٨ - ٢٨٩) من طريق إبراهيم بن طهمان، وابن حبان (٥٠٢٨) من طريق سفيان الثوري، كل هؤلاء عن معمر بإسناده موصولا.
إلا أن سفيان الثوري قد اختلف عليه، فرواه ابن حبان من طريق داود الحفري عنه هكذا، ورواه البيهقي من طريق الفرياتي عنه مرسلا، وقال: "وكذلك رواه عبد الرزاق وعبد الأعلى عن معمر، وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلا. وروينا عن البخاري أنه وهن رواية من وصله. ونقل عن الشافعي أنه قال: أما قوله: "إنه نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" فهذا غير ثابت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-". انتهى قول البيهقي.
قلت: قول البخاري ذكره الترمذي في العلل الكبير (١/ ٤٨٩ - ٤٩٠) بعد أن رواه عن سفيان بن وكيع، نا محمد بن حميد هو الأحمدي، عن مَعْمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن بيع الحيوان باللحم نسيئة. قال: سألت مُحمدًا عن هذا الحديث،