وروي ذلك عن عمر وأنس وعائشة، وبه قال جماعة من التابعين، وعليه تدل الأحاديث الآتية في الباب الذي يليه.
[٣ - باب الخطبة قبل الصلاة والجهر بالقراءة فيها]
• عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي، فتوجه إلى القبلة، يدعو، وحوَّل رداءه، ثم صلَّى ركعتين جهر فيهما بالقراءة.
صحيح: رواه البخاري في الاستسقاء (١٠٢٤) عن أبي نعيم، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عباد بن تميم به مثله.
وحديث عباد بن تميم، عن عمَّه رواه مسلم إلَّا أنَّه لم يروه من طريق ابن أبي ذئب -الذي ذكر فيه الجهر بالقراءة-.
وقد أشار أيضًا أبو داود (١١٦٢) بأن ابن أبي ذئب قال: "وقرأ فيهما" قال: زاد ابن السرح (شيخ أبي داود): يريد الجهر.
قلت: وهو كما قال: فقد رواه النسائي (١٥٠٩، ١٥٢٢) وابن حبان (٢٨٦٤) كلاهما من طريق ابن أبي ذئب وصرَّح فيه بالجهر، ورواه أبو داود (١١٦١) والترمذي (٥٥٦) وأحمد (١٦٤٣٧) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه وفيه: جهر بالقراءة فيهما.
• عن عباد بن تميم يقول: سمعتُ عبد الله بن زيد المازني يقول: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى فاستسقي، وحوَّل رداءه حين استقبل القبلة.
متفق عليه: رواه مالك في الاستسقاء (١) عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، أنه سمع عباد بن تميم فذكره.
ورواه مسلم في الاستسقاء (٨٩٤) عن يحيى بن يحيى، عن مالك به مثله.
ورواه البخاري في الاستسقاء (١٠٢٨) من وجه آخر عن أبي بكر بن محمد، عن عباد بن تميم به نحوه.
وبهذا الحديث استدل أبو حنيفة رحمه الله تعالى بأن الاستسقاء لا صلاة فيه، وعارضه تلميذه محمد بن الحسن فقال:"في قولنا إن الإمام يصلي بالناس ركعتين، ثم يدعو ويحول رداءه فيجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، ولا يفعل ذلك أحد إلا الإمام" كذا قال في موطأ مالك. "التعليق الممجد"(٢/ ٧٦ - ٧٧). قال الشيخ اللكنوي:"خلافًا للشافعي ومالك وأحمد أخذًا مما ورد في مسند أحمد: إنّ القوم أيضًا حوّلوا أرديتهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والظاهر أنه اطّلع عليه، ولم ينكر عليهم" انتهي.