للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولذا قال اللَّه تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣)}.

وقد أكثر المفسرون من ذكر الإسرائيليات في هذا المقام وفي أكثرها غرابة ونكارة كما بيّنها أهل العلم، وليس فيها شيء ثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولذا أعرضتُ عن ذكرها.

٣١ - باب قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦)}

• عن عمر قال: أَقْرؤُنا أُبَيّ، وأقضانا عليٌّ، وإنا لندعُ من قول أبيّ، وذاك أن أُبَيًّا يقول: لا أدعُ شيئًا سمعتُه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد قال اللَّه تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}.

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٤٨١) عن عمرو بن علي، حدّثنا يحيى، حدّثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال عمر فذكره.

وقول أُبي: لا أدع شيئًا -أي لا أترك شيئًا- سمعتُه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أي أنه ما كان يرى نسخ شيء من القرآن، فردّ عمر عليه محتجا بقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} فإنه يدل على ثبوت النسخ.

وأما {ننساها} فهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ومعناها نؤخّرها.

وأما {نُنْسِهَا} فقراءة الباقين من النسيان، أي أن اللَّه يُثْبِت في قلب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يشاء لقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: ٦] ويُنسي نبيَّه ما يشاء ويَنْسخه.

وفيه ردٌّ على اليهود الذين يدّعون امتناع النسخ في أحكام اللَّه تعالى مع أنه وقع النسخ في كتبه المتقدمة، وشرائعه الماضية مثل جواز آدم تزويج بناته من بنيه، ثم حُرّم ذلك، كما أباح اللَّه لنوح بعد خروجه من السفينة أكل جميع الحيوانات، ثم نسخ حلّ بعضها، وكذلك فعل عيسى عليه السلام فنسخ بعض أحكام التوراة مثل ترك العمل يوم السبت، فكذلك نسخ القرآن بعض الأحكام التي أحدثها علماء النصارى في دينهم مثل إباحة أكل الخنزير، وتعظيم الصّليب، فللَّه الحكم المطلق يُثبتُ ما يشاء، وينسخ ما يشاء إن اللَّه على كل شيء قدير.

٣٢ - باب قوله: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٠٨)}

نهى اللَّه سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة عن كثرة سؤال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الأشياء قبل وقوعها كما قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١].

• عن سعد بن أبي وقاص ان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته".

<<  <  ج: ص:  >  >>