قاعد، فتلك إحدى عشرَةَ ركعةً يا بُنيَّ! فلما أسَنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخذه اللحمُ، أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسعٌ يا بنيّ! وكان نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاةً أحبَّ أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نومٌ أو وَجَع عن قيام الليل صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كلَّه في ليلة، ولا صلَّى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهرًا كاملًا غير شهر رمضان، قال: فانطلقت إلى ابن عباس فحدَّثْتُه بحديثها، فقال: صَدقَتْ، ولو كنتُ أقْرَبُها، أو أدخلُ عليها، لأتيتُها حتى تُشافِهَني به، قال: قلت: لو علمتُ أنك لا تدخلُ عليها ما حدَّثْتُك حديثها".
وفي رواية قال: "انطلقتُ إلى عبد الله بن عباس، فسألتُه عن الوتر؟ - وساق الحديث بقصته - وقال فيه: قالت: مَنْ هشام؟ قلتُ: ابنُ عامر، قالت: نِعْم المرء كان عامر، أصيب يومَ أُحُدٍ".
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٧٤٦) عن محمد بن المثنى العنزي، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن زُرارة، أن سعد بن هشام بن عامر أراد فذكره.
ورواه أبو داود (١٣٤٣) من حديث: يحيى بن سعيد، عن سعيد به مثله إلا أنه قال فيه: كان يصلِّي ثمان ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس، فيذكر الله عز وجل، ثم يدعو، ثم يُسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يُصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يُسلم، ثم يصلي ركعة. فتلك إحدى عشرة ركعة.
والذي في صحيح مسلم: لا يُسلم في الثامنة بل يُصلي التاسعة، ثم يسلم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عشرة ركعة. فلعله فعل هذا مرةً وتلك أُخرى.
وقولها: ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو جالس: لعله - صلى الله عليه وسلم - فعل مرة أو مرتين، أو مرات لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جواز النفل جالسًا وبه قال بعض أهل العلم، وعند الإمام أحمد رواية.
وأما جمهور السلف فذهبوا إلى أن آخرَ صلاة الليل الوترُ لما تواترت الروايات في الصّحيحين وغيرهما عن عائشة وغيرها من الصحابة الآخرين بأن آخر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليل كان وترًا، كما ثبت من أمره - صلى الله عليه وسلم - أيضًا: "اجعلوا آخر صلاتكم في الليل وترًا" وسوف يأتي مزيد من الفائدة.
٩ - باب التزيّن لقيام الليل
• عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي من اللَّيل في بُرْدٍ له حضرمي متوشِّحًا به، ما عليه غيره.
حسن: أخرجه الإمام أحمد (٢٣٨٤) عن يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق حدّثني سلمة بن