٤ - باب قوله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦)}
يعاتب الله تعالى المؤمنين في هذه الآية ويحذرهم بأنه إذا طال عليهم الزمان، ولم يتعظوا بذكر الله، فإن قلوبهم تكون مثل قلوب أهل الكتاب قلوبا قاسية لا تقبل الموعظة، ولا تلين بوعد، ولا وعيد.
• عن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} إلا أربع سنين.
صحيح: رواه مسلم في التفسير (٣٠٢٧) عن يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عون بن عبد الله، عن أبيه، أن ابن مسعود، قال: فذكره.
قول ابن مسعود يفيد بأن هذه الآية مكية لأنه أسلم قديما وهاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة. وبقية الآيات مدنية بدون خلاف عند أهل العلم لما جاء في الآية العاشرة: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} والمراد بالفتح فتح مكة أو فتح الحديبية. وفي كلا الحالين تكون مدنية.
٥ - باب قوله: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٩)}
قال ابن مسعود في قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} قال: هم ثلاثة أصناف: يعني المصدقين والصديقين والشهداء. كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] والصديق أعلى مقاما من الشهيد، كما جاء في الحديث الصحيح.
• عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدرّي الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم". قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: "بلى والذي نفسي بيده! رجال آمنوا وصدقوا المرسلين".
متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٥٦)، ومسلم في صفة الجنة (٢٨٣١) كلاهما من طريق مالك، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: فذكره. ولم أجده في موطأ مالك براوية يحيى الليثي.