فيه توجيه وإرشاد للعصاة والمذنبين أن لا يقنطوا من رحمة اللَّه تعالى، بل عليهم أن يأتوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيستغفروا اللَّه عنده، ويسألوا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب اللَّه عليهم وغفر لهم، كما قال تعالى:{لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} هذا في حياته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما بعد مماته فانتهى هذا الأمر.
• عن يزيد بن الأسود قال: حججنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الصبح أو الفجر، قال: ثم انحرف جالسا، واستقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس، فقال:"ائتوني بهذين الرجلين" قال: فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال:"ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ " قالا: يا رسول اللَّه، إنا كنا قد صلينا في الرحال. قال:"فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلها معه، فإنها له نافلة". قال: فقال أحدهما: استغفر لي يا رسول اللَّه. فاستغفر له، قال: ونهض الناس إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونهضت معهم، وأنا يومئذ أشب الرجال وأجلده. قال: فما زلت أزحم الناس حتى وصلت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذت بيده فوضعتها إما على وجهي أو صدري، قال: فما وجدت شيئًا أطيب ولا أبرد من يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: وهو يومئذ في مسجد الخيف.
صحيح: رواه أحمد (١٧٤٧٦) والسياق له، وأبو داود (٥٧٥) والترمذي (٢١٩) والنسائي (٨٥٨) وصحّحه ابن خزيمة (١٢٧٩) وابن حبان (٢٣٩٥، ١٥٦٥) كلهم من طرق عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، قال: فذكره. وإسناده صحيح.
وذكر النووي في المجموع (٨/ ٢٧٤) والإيضاح (ص: ٤٩٨) وابن كثير في تفسيره قصة غريبة عن العتبي قال: كنت جالسا عند قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول اللَّه، سمعت اللَّه يقول: وقد جئتك مستغفرا لذنبي، مستشفعا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}.
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم.