وأما قول الهيثمي في المجمع (٥/ ٣٢٦): "رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، والصحيح أن أبا أيوب لم يشهد بدرا والله أعلم". ففيه نظر.
قلت: فقد نصَّ جل الأئمة على أنه شهد بدرا منهم: البخاري، وأبو حاتم، والطبراني، أبو نعيم، وغيرهم. انظر: التاريخ الكبير (٣/ ١٣٦) والجرح والتعديل (٣/ ٣٣١)، والمعجم الكبير (٤/ ١٣٨)، ومعرفة الصحابة (٢/ ٩٣٣ - ٩٣٤).
ولم أر من ذكر أنه لم يشهد بدرًا، والهيثمي لما سرد أسماء البدريين في مجمع الزوائد (٦/ ٩٥) ذكر منهم أبا أيوب، ولما ساق حديث أبي أيوب هذا بطوله في المجمع (٦/ ٧٣ - ٧٤) قال: "رواه الطبراني وإسناده حسن".
وأما ما روي عن عبد الرحمن بن عوف قال: عبأنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ببدر ليلا. فضعيف جدًّا. رواه الترمذي (١٦٧٧) عن محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف .. فذكره.
وقال الترمذي: "وهذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال: محمد بن إسحاق سمع من عكرمة، وحين رأيته كان حسن الرأي في محمد بن حميد الرازي ثم ضعفه بعد".
ومحمد بن حميد هو ابن حبان التميمي أبو عبد الله الرازي، قال البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٦٩): فيه نظر، ونسبه جماعة إلى الكذب منهم أبو حاتم كما في أسئلة البرذعي (ص ٧٣٩).
ولكن وثقه ابن معين وكان أحمد يثني عليه فلعل مناكيره ظهرت أخيرًا، لأن ابن معين وأحمد ماتا قبله، وعُمِّر حميد فكان يحدّث إلى أن مات عام ٢٤٨ هـ والله أعلم.
وقوله: "عبأنا" يقال: عبّات الجيش، وعبّيتهم أي رتّبتهم في مواضعهم، وهيأتهم للحرب.
[٤٣ - باب النهي عن الفرار من الزحف]
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [سورة الأنفال: ١٥ - ١٦].
• عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجتنبوا السبع الموبقات"، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
متفق عليه: رواه البخاري في الوصايا (٢٧٦٦)، ومسلم في الإيمان (٨٩) كلاهما من طريق سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة .. فذكره.