والنساء والصبيان، حتى خرج العواتق من الحجال لا ترى عامة ثقيف أنها مهدومة، ويظنون أنها ممتنعة، فقام المغيرة بن شعبة فأخذ الكرزين وقال لأصحابه: والله لأضحكنكم من ثقيف، فضرب بالكرزين، ثم سقط يركض، فارتج أهل الطائف بصيحة واحدة، وقالوا: أبعد الله المغيرة، قد قتلته الربة، وفرحوا حين رأوه ساقطا، وقالوا: من شاء منكم فليقترب وليجتهد على هدمها، فوالله لا تُستطاع أبدًا، فوثب المغيرة بن شعبة فقال: قبحكم الله يا معشر ثقيف! إنما هي لكاع حجارة ومدر، فاقبلوا عافية الله واعبدوه، ثم ضرب الباب فكسره، ثم علا على سورها وعلا الرجال معه، فما زالوا يهدمونها حجرًا حجرًا حتى سووها بالأرض، وجعل صاحب المفتاح يقول: ليغضبن الأساس فليخسفن بهم، فلما سمع ذلك المغيرة، قال لخالد: دعني أحفر أساسها، فحفره حتى أخرجوا ترابها وانتزعوا حليتها، وأخذوا ثيابها، فبهتت ثقيف، فقالت عجوز منهم: أسلمها الرضاع وتركوا المصاع، وأقبل الوفد حتى دخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحليتها وكسوتها، فقسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يومه، وحمدوا الله عز وجل على نصره نبيه - صلى الله عليه وسلم - وإعزاز دينه.
ذكره موسى بن عقبة بدون إسناد مطولًا.
وكان أبو سفيان بن الحرب والمغيرة بن شعبة مع خالد بن الوليد فيه كما في رواية ابن إسحاق فيما ذكره عنه ابن هشام فقال: فلما فرغوا من أمرهم وتوجهوا إلى بلادهم راجعين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية. فخرجا مع القوم حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان، فأبى ذلك أبو سفيان عليه، وقال: ادخل أنت على قومك؛ وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم؛ فلما دخل المغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول، وقام قومه دونه بنو معتب خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة، وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها، ويقول أبو سفيان - والمغيرة يضربها بالفأس -: واها لك واها لك. فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان مجموع مالها من الذهب والفضة والجزع. سيرة ابن هشام (٢/ ٥٤١) وزاد المعاد (٢/ ٥٠٠).
[٣ - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر بالخروج للحج]
وكان ذلك في العام التاسع في شهر ذي الحجة.
• عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق بعثه في الحجة التي أمَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس:"لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان".
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٣٦٣) ومسلم في الحج (١٣٤٧) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، فذكره.
وفي رواية عند البخاري (٣٦٩) قال أبو هريرة: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم