وخالفهما مالك وصالح بن كيسان ويونس، عن الزهريّ، عن أبي بكر مرسلا، وهم أولى بالقبول.
كما أنه مخالف لحديث يحيى بن سعيد، يروي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، ولفظه: "من أدرك ماله عينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره". وهو مخرج في الصحيحين، كما مضى. راجع للمزيد "التمهيد" (٨/ ٤٠٨ - ٤١٠).
وأما قول من قال: إن حديث أبي هريرة يخالف الأصول؛ فإن المشتري إذا ملك السلعة، وصارت من ضمانه فلا يجوز أن ينقض عليه ملكهـ.
فأجاب عنه الخطابي بقوله: "والحديث إن صح وثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فليس إلا التسليم له، وكل حديث أصل بذاته ومعتبر بحكمه في نفسه، فلا يجوز أن يعترض عليه بسائر الأصول المخالفة، أو يتذرع إلى إبطاله بعدم النظير له، وقلة الاشتباه في نوعه".
[١٨ - باب ما جاء في الرجل يجد ماله المسروق أو المفقود عند رجل فهو أحق به]
• عن سمرة بن جندب قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به".
صحيح: رواه أبو داود في "السنن" (٣٥٣١)، وفي المراسيل (١٨١)، والنسائي (٤٦٨١)، وأحمد (٢٠١٤٨)، وابن الجارود (١٠٢٦)، والبيهقي (٦/ ٥١) كلهم من حديث هشيم، عن موسى ابن السائب، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة فذكره.
قال أبو داود: "والعمل على هذا".
وإسناده صحيح، والحسن -وهو البصري- سمع من سمرة مطلقا، كما مرَّ مرارا، ثم إنه توبع.
والحديث محمول على ما إذا كان مال الرجل قد سرق أو ضاع، ثم وجده كما جاء في رواية زيد بن عقبة عن سمرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا سرق من الرجل متاع، أو ضاع له متاع فوجده بيد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن".
رواه ابن ماجه (٢٣٣١)، وأحمد (٢٠١٤٦)، والبيهقي (٦/ ٥١) كلهم من حديث حجاج، عن سعيد بن عبيد بن زيد بن عقبة، عن أبيه، عن سمرة فذكره.
وحجاج هو بن أرطاة ضعيف إلا أنه توبع.
وقوله: "سعيد بن عبيد بن زيد بن عقبة" هكذا في ابن ماجه، وأحمد. وفي البيهقي: "سعيد بن زيد بن عقبة" بحذف عبيد، وهو أشبه، كما قال الترمذيّ وغيره.
وأما ما روي عن عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة مرفوعا: "من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به" فهو ضعيف.