والثاني: ما أصيب من الأمراض في جسمه، وفي سفر أيوب من التوراة كثير من التفاصيل من هذا الابتلاء، وأنه رجل صالح مستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر، فلما دعا الله عز وجل كشف الله عنه الضر الذي أصابه في ماله وأولاده وجسمه، وصار أيوب فيما بعد يُضرب به المثَلُ في الصبر.
فإنْ قيل: إن الله سمّاه صابرا، وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله:{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} قيل: ليس هذا شكاية، إنما هو دعاء بدليل قوله تعالى:{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} على أن الجزع إنما هو الشكوى إلى الخلق، فأما الشكوى إلى الله عز وجل فلا يكون جزعا ولا ترك صبر كما قال يعقوب:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[سورة يوسف: ٨٦].
• عن سعد بن أبي وقاص قال: مررت بعثمان بن عفان في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه مني، ثم لم يردّ عليّ السلام، فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقلت: يا أمير المؤمنين، هل حدث في الإسلام شيء؟ مرتين. قال: لا. وما ذاك؟ قال: قلت: لا. إلا أني مررت بعثمان آنفا في المسجد، فسلّمت عليه، فملأ عينيه مني، ثم لم يردّ عليّ السلام. قال: فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك أن لا تكون رددتَ على أخيك السلام؟ قال عثمان: ما فعلت، قال سعد: قلت: بلى. قال: حتى حلف وحلفت، قال: ثم إن عثمان ذكر، فقال: بلى، وأستغفر الله، وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفا، وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من