للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليهما، مشتملا على سيفه، فضرب الذي قال: ردنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فارا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسول اللَّه، قتل عمر واللَّه صاحبي، ولو ما أني أعجزته لقتلني، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمنين"، فأنزل اللَّه تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. فهدر دم ذلك الرجل، وبرئ عمر من قتله، فكره اللَّه أن يسن ذلك بعد، فقال: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} إلى قوله: {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)}. فهو ضعيف.

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٩٤) عن يونس بن عبد الأعلى قراءة، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عبد اللَّه بن لهيعة، عن أبي الأسود قال: فذكره.

وأبو الأسود لم يلق عمر، بل لم يلق أحدا من الصحابة، وإنما يروي عن أتباع التابعين.

وعبد اللَّه بن لهيعة فيه كلام معروف، وإن كانت رواية عبد اللَّه بن وهب -وهو أحد العبادلة- أعدل من غيرهم.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: "هو أثر غريب، وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف" اهـ.

٣٦ - باب قوله: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)}

يخبر اللَّه تعالى عن أكثر الناس أنهم لو أمروأ بقتل أنفسهم أو الخروج من ديارهم لم يفعله إلا القليل منهم، فليحمدوا ربهم أنه لم يأمرهم بالأوامر الشاقة على النفوس، بل عافاهم عن ذلك، كما قال أبو إسحاق السبيعي: لما نزلت {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} قال رجل: لو أمرنا لفعلنا. والحمد للَّه الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إن من أمتي لرجالا، الإيمان أتبت في قلوبهم من الجبال الرواسي".

رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٢٠٧) وهو مرسل.

وقال السدي: افتخر ثابت بن قيس بن شماس ورجل من اليهود، فقال اليهودي: واللَّه لقد كتب اللَّه علينا أن اقتلوا أنفسكم، فقتلنا أنفسنا، قال ثابت: واللَّه لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم، لقتلنا أنفسنا، فأنزل اللَّه تعالى في هذا {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}.

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٩٩٦) عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، ثنا أحمد بن مفضل، ثنا أسباط، عن السدي، قال: فذكره.

وفيه مع الانقطاع أسباط وهو ابن نصر الهمداني، ضعَّفه جمهور أهل العلم.

والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن الكبير، وهو صدوق لا بأس به.

وقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} أي: أنهم لو اقتصروا على أمر اللَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>