قال: سمعت عبد الله بن بسر المازني صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ترون بدي هذه، بايعتُ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعته يقول: "لا تصوموا يوم السبت إلّا فيما افتُرض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلّا لِحاءَ شجرة فليفطر عليه".
وإسناده صحيح. حسان بن نوح "ثقة". وفي الإسناد تصريح بأنّ عبد الله بن بسر سمع هذا الحديث من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فلعله سمعه أولًا عن أخته الصماء، ثم تيسر له السماع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مباشرة وكلّه جائز. وللحديث أسانيد أخرى غير أن ما ذكرتها هي أصحها.
إذا عرفت هذا فلا معنى لقول النسائيّ بأنه حديث مضطرب؛ لأن القواعد الحديثية نحكم بأنّ ما صحّ لا يُعَلُّ بما لم يصح.
وأما المعارضة بحديث جويرية فالصحيح أنه لا يعارضه بل يوافقه؛ لأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: "أصُمِتِ أمس؟ ". قالت: لا. قال: "تريدين أن تصومي غدًا؟ " قالت: لا. قال: "فأفطري".
ففيه النهي عن صوم يوم الجمعة وحده، وجواز ذلك مع قبله أو بعده وهو السبت، وليس فيه ذكر لجواز صيام السبت وحده، بل مع قبله وهو الجمعة أو مع بعده وهو الأحد.
وقد أطال الحافظ ابن القيم في "تهذيب السنن" في تخريج هذا الحديث وبيان علله، والسبب في النهي عن الصوم هذا اليوم، وخلص إلى القول بأن صيام يوم السبت منفردًا مكروه، وإذا صام يومًا قبله أو بعده جاز جمعًا بين الأحاديث. وبه قال النووي في "شرح المهذب".
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (٥/ ٧٦٣): "والحقّ أنه حديث صحيح غير منسوخ". وبالله التوفيق.
١٠ - باب الرّخصة في صيام يوم السبت إذا صام يومًا قبله أو يومًا بعده
• عن جويرية بنت الحارث، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: أصُمْتِ أمسِ؟ قالت: لا. قال: تريدين أن تصومي غدًا؟ قالت: لا. قال: "فأفطري".
صحيح: رواه البخاريّ في الصوم (١٩٨٦) من طريق شعبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن جويرية بنت الحارث، فذكرته.
• عن أمّ سلمة، تقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام ويقول: "إنّهما يوما عيد المشركين، فأنا أحبُّ أن أخالفهم".
حسن: رواه أحمد (٢٦٧٥٠)، والطبراني في الكبير (٢٣/ ٢٨٣) وصحّحه ابن خزيمة (٢١٦٧)، وابن حبان (٣٦١٦، ٣٦٤٦)، والحاكم (١/ ٤٣٦) كلّهم من طرق، عن عبد الله بن