فبادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته، فأمر بإخراجه إنجازًا لوعده في تكفينه في القميص والصلاة عليه.
• عن جابر بن عبد الله قال: لما حضر أُحُد دعاني أبي من الليل فقال: ما أُراني إلا مقتولًا في أولِ من يُقتل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإني لا أترك بعدي أعزَّ عليَّ منك، غيرَ نفْس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن عليَّ دينا فاقض، واستَوصِ بأخواتِك خيرًا، فأصبحنا فكان أول قتيلٍ، ودفن معه آخر في قبر، ثم لم تَطِبْ نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجتُه بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعتُه هُنيَّةً، غير أُذنِه.
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (١٣٥١) عن مسدد، أخبرنا بشر بن المفضَّل، حدثنا حسين المعلم، عن عطاء، عن جابر فذكره.
والرجل الثاني في القبر هو: عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري، وكان صديق والد جابر، وزوج أخته هند بنت عمرو.
قال ابن إسحاق في المغازي: حدثني أبي، عن رجال من بني سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حين أصيب عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح: "اجمعوا بينهما، فإنهما كانا متصادقين في الدنيا".
انظر للمزيد: افتح الباري (٣/ ٢١٦).
١٢ - باب وضع العَلَم على القبر
• عن المطلب قال: لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته، فدُفن، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسر عن ذراعيه، قال كثير: قال المطلب: قال الذي يخبرني ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حسر عنهما، ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: "أَتَعَلَّمُ بها قبر أخي، وأُدفن إليه من مات من أهلي".
حسن: رواه أبو داود (٣٢٠٦) من طريقين عن كثير بن زيد المدني، عن المطلب فذكره. وكثير ابن زيد مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وقال الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٣٣): "وإسناده حسن ليس فيه إلا كثير بن زيد راويه عن المطلب وهو "صدوق"، وقد بين المطلب أن مخبرًا أخبره به ولم يُسمه، ولا يضر إبهام الصحابي".
وأما ما رُوي عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم قبر عثمان بن مظعون بصخرة فهو خطأ، رواه ابن ماجه (١٥٦١) من وجه آخر عن كثير بن زيد، عن زينب بنت نُبيط، عن أنس.
قال الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٣٣ - ١٣٤): "وقال أبو زرعة: "هذا خطأ، وأشار إلى أن الصواب رواية من رواه عن كثير عن المطلب".