وفيه دليل على جواز الرقية بالقرآن؛ لأن القراءة والرقية من الأعمال المباحة، وقد أباح له أخذ الأجرة، فكذلك ما يفعله الطبيب من قول أو فعل.
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن غير مباح. ولهم في ذلك أحاديث، كما في الباب الآتي.
[٩ - باب من كره أخذ الأجرة على تعليم القرآن]
• عن عبادة بن الصامت قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُشْغَلُ، فإذا قدم رجل مهاجر على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن، فدفع إلي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلا، فكان معي في البيت، أعشيه عشاء أهل البيت، فكنت أقرئه القرآن، فانصرف انصرافة إلى أهله، فرأى أن عليه حقا، فأهدى إلي قوسا لم أر أجود منها عودا، ولا أحسن منها عِطفا، فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت: ما ترى يا رسول اللَّه فيها؟ قال:"جمرة بين كتفيك تقلدتها، أو تعلقتها".
حسن: رواه أبو داود (٣٤١٧)، وأحمد (٢٢٧٦٦)، والحاكم (٣/ ٣٥٦) كلّهم من طريق بشر ابن عبد اللَّه يعني ابن بشار السلمي قال: حدثني عبادة بن نسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة ابن الصامت قال. فذكره. واللّفظ لأحمد وأبو داود أحال على الإسناد الذي يأتي.
قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قلت: فيه بشر بن عبد اللَّه السلمي لم يوثّقه غير ابن حبان إلا أنه توبع. رواه أبو داود (٣٤١٦)، ومن طريقه البيهقي (٦/ ١٢٥)، وابن ماجه (٢١٥٧)، وأحمد (٢٢٦٨٩)، والحاكم (٢/ ٤١) كلّهم من حديث المغيرة بن زياد، عن عبادة بن نسي، عن الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن الصامت قال: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلي رجل قوسا، فقلت: لآتين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلأسألنه، فأتيته، فقلت: يا رسول اللَّه، رجل أهدى إلى قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل اللَّه. قال:"إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها".
وفيه المغيرة بن زياد وهو أبو هاشم الموصلي، وثّقه وكيع ويحيى بن معين والعجلي وغيره. وتكلم فيه الإمام أحمد والبخاري وأبو حاتم وغيرهم. ولكنه توبع، كما رأيت.
قال علي بن المديني:"إسناده كله معروف إلا الأسود بن ثعلية، فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث". ذكره البيهقي.
قلت: والأسود بن ثعلبة مجهول، كما في التقريب، إلا أنه توبع في الإسناد الأول، والحديث حسن بمجموع طريقيه.
وقول البيهقي:"هذا حديث مختلف فيه على عبادة بن نسي، كما ترى". فيه نظر؛ لأن هذا