عند هذا الرجل بخير، فارق لنا هذا الرجل. فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية، وكلما ختمها جمع بزاقه، ثم تفل فكأنما أنشط من عقال، فأعطوه شيئا، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكره له، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل، فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق".
وفي رواية: فأعطوه مائة شاة.
حسين: رواه أبو داود (٣٤٢٠، ٣٨٩٦، ٣٨٩٧، ٣٩٠١)، وابن ماجه (٦١١١)، وأحمد (٢١٨٣٥)، وصحّحه ابن حبان (٦١١٠)، والحاكم (١/ ٥٥٩ - ٥٦٠) كلّهم من طرق عن عامر الشعبي، عن خارجة بن الصلت، عن عمه فذكره.
واسم عمه عِلاقة بن صُحار. وقيل: عبد اللَّه بن عِثير.
قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قلت: إسناده حسن من أجل خارجة بن الصلت؛ فإنه لم يوثّقه أحد غير ابن حبان، وروى له اثنان، ونقل المزي في تهذيبه في ترجمة عامر الشعبي الراوي عن خارجة بن الصلت: عن أبي بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: إذا حدث الشعبي عن رجل، فسماه فهو ثقة يحتج بحديثه.
واختصره ابن حجر في ترجمة الشعبي، فأصاب، وفي ترجمة خارجة بن الصلت فأخطأ، فنسب هذا القول إلى ابن أبي خيثمة نفسه.
ثم قول ابن معين هذا قد لا يكون مطردا في كل من روى عنه الشعبي، إلا ما يطمئن به القلب من القرائن، وقد تكلمت بإسهاب في هذا الموضوع في كتابي "دراسات في الجرح والتعديل" فراجعه لزاما.
فقه هذا الباب: أحاديث هذا الباب تدل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وجواز شرطه.
وكان بالمدينة ثلاثة معلمين يعلمون الصبيان، وكان عمر بن الخطاب يرزق كل واحد منهم خمسة عشر درهما كل شهر.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة (٤/ ٣٤٦ رقم ٢٠٢٨) عن وكيع، عن صدقة بن موسى الدمشقي -وفي رواية: الدقيقي-، عن الوضين بن عطاء قال فذكره. ورواه البيهقي (٦/ ١٢٤) من وجه آخر عن وكيع، وقال: وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع.
إلا أن الوضين بن عطاء لم يدرك زمان عمر بن الخطاب.
وذكر البخاري في ترجمة الباب (٤/ ٤٥٢): "وقال الشعبي: لا يشترط المعلم، إلا أن يعطي شيئا فليقبله. وقال الحكم: لم أسمع أحدا كره أجر المعلم. وأعطى الحسن دراهم عشرة. ولم ير ابن سيرين بأجر القسام بأسا".