فقلنا له: إنما انصرفنا الساعة من الظهر. قال: فصلوا العصر. فقمنا فصلينا. فلما انصرفنا قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقرها أربعا، لا يذكر اللَّه إلّا قليلا".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (٦٢٢)، من طريق عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن فذكره.
٦٨ - باب قوله: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (١٤٣)}
قوله: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} يعني المنافقين، متحيرين بين الإيمان والكفر، فهم مع المؤمنين ظاهرا، ومع الكفار باطنا. فلا هم بمؤمنين مخلصين، ولا هم بمشركين مصرحين بالشرك من أجل الشك الذي لا يفارقهم، والمصالح الدنيوية التي تحول بين الإيمان والكفر وقد جاء في الصحيح:
• عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة".
صحيح: رواه مسلم في صفات المنافقين (٢٧٨٤) من طرق عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وقوله: "تعير" أي تتردد، وتذهب.
وقوله تعالى: {لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} قال: مجاهد: "لا إلى أصحاب محمد، ولا إلى هؤلاء اليهود".
٦٩ - باب قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (١٤٤)}
في هذه الآية تحذير من موالاة الكافرين، بعد أن وصف اللَّه المنافقين الذين هم موالون للكفار، حرم على المؤمنين موالاتهم جميعا.
وقد جاء في سورة آل عمران: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [سورة آل عمران: ٢٨].
والموالاة كلمة جامعة شاملة، مدلولاتها تختلف حسب الزمان والمكان ومن لم ينته من موالاتهم، جعل إيمانه معرضا للفساد؛ لقوله تعالى: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} أي حجة على فساد إيمانهم.