وفيه إبراهيم بن محمد: وهو ابن أبي يحيى الأسلمي من شيوخ الشافعي متروك. وعبد الرحمن ابن عبد القارئ "مقبول" والإسناد مرسل غير متصل.
قال النوويّ في "الخلاصة" (٢٩٦١): ضيف غير متصل، ولم يثبت في تكرير الخطبة شيء، والمعتمد فيه القياس على الجمعةِ".
قلت: وسيأتي في كتاب الجمعة أن الخطيب يخطب خطبتين، ويفصل بينها بالجلوس ومنه الحديث الصَّحيح عن جابر بن سمرة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائمًا، ثمّ يجلسَ ثمّ يقوم فيخطب قائمًا، فمن نَبَّأَك أنَّه كان يخطب جالسًا فقد كذّب، والله! صلَّيت معه أكثر من ألفي صلاة.
رواه مسلم (٨٦٢/ ٣٥) ووهم من ظنَّ أنَّ جابرًا في حديث ابن ماجة هو: ابن سمرة، فقد أخطأ، وبناء عليه عزاه إلى مسلم، وأصحاب السنن، والصواب أنَّه: جابر بن عبد الله انفرد ابن ماجه بإخراجه، وأمّا حديث جابر بن سمرة فرواه مسلم وأصحاب السنن كما سيأتي.
١٨ - باب موعظة الإمام النساءَ يوم العيد
• عن جابر بن عبد الله قال: قام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر فصَلَّى، فبدأ بالصلاة، ثمّ الخطبة، فلمّا فرغ نزل فأتي النساء فذكَّرهُنَّ وهو يتوكَّأُ على يد بلال، وبلالُ باسط ثوبه يُلْقي فيه النساء الصدقةَ.
قلت لعطاء: زكاةَ يوم الفطر؟ قال: لا، ولكن صدقةً يتصدقنَ حينئذٍ، تُلْقي فَتَخَها ويُلقين.
قلت: أتُرى حقًّا على الإمام ذلك، ويذكرهُنَّ؟ قال: إنَّه لحق عليهم، وما لهم لا يفعلونه؟
وفي رواية: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصّلاةَ يوم العيد. فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثمّ قام متوكئًا على بلال. فأمر بتقوى الله. وحثَّ على طاعته، ووعظ الناس، وذكَّرهم، ثمّ مضى حتّى أتى النساء فوعظهُنَّ وذكَّرهن فقال: "تصدقْنَ، فإن أكثر كن حَطَبُ جهنّم" فقامت امرأة من سِطَةِ النساء، سَفْعاءُ الخدَّين فقالت: لِم يا رسول الله؟ قال: "لأَنكنَّ تُكثِرنَ الشَّكَاةَ، وتكفرنَ العشير" قال: فجعلنَ يتصدقْنَ من حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ في ثوب بلال من أقْرِطَتِهنَّ وخواتمهنَّ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في العيدين (٩٧٨)، ومسلم في العيدين (٨٨٥) كلاهما من طريق عبد الرزّاق، قال: حَدَّثَنَا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد الله فذكره، واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم قريب منه.
والرّواية الثانية رواها مسلم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله فذكره، ورواه أيضًا النسائيّ (١٥٧٥) من هذا الوجه وفيه: "فقالت: امرأة من سَفِلَةِ النساء سَفْعاء الخدين".